الاثنين، 12 سبتمبر 2011



جزيرة دهلك مجد تحفظه حجارة
(الموقع الجغرافي والسكان والتاريخ):-







شكل رقم (1) موقع جزيرة دهلك الجغرافي في دولة ارتريا

دهلك أرخبيل ارتري يضم أكثر من مائة جزيرة أهمها (دهلك كبير) (نخرة) (حارات كبير) (دفنين) (حرمل) وتقع جزيرة دهلك قبالة مصوع علي بعد ستين ميلا منها شرقا عند تقاطع خطي الطول (10) و(45) شرقا مع خطي العرض (45) و(15) شمالا تضاريسها سهلية مع تلال منخفضة , طقسها حار جاف صيفيا معتدل قليل الأمطار شتاءا
مساحتها {751 كيلومتراُ مربعاً } {250 ميلاً مربعاً } طولها { 51 كيلو مترا } ، (32 ميلاً ) وعرضها { 29 كيلو متراً } ، { 18 ميلا)



















شكل رقم (2)جزيرة دهلك وموقع النقوش
) واشتهرت الجزيرة بعد إن سيطر سلاطينها علي أجزاء من البر الاريتري, وبخاصة مصوع (باضع سابقا) وجزيرة الريح , كمركز لتجارة اللآلئ والتروس المصنوعة من جلود السلاحف والأسماك المجففة والعبيد وريش النعام . ويصفها اليعقوبي في القرن التاسع الميلادي بأنها احدي المراكز الرئيسية التي كان العرب يتعاطون فيها التجارة مع الحبشة )*ص9
(وقد نشأ في نفوس السلاطين وأصحاب الجاه والثراء , بحكم توافد العلماء والشعراء العرب إليها ,اهتمام بالنقوش الكتابية والخط الكوفي يزينون فيها الأضرحة ومنابر المساجد ومداخل القصور )*.ص9
(وتذكر الوثائق البرتقالية ,كما جاء في كتاب رسالة البواكيرك /4-12-1513/, إن سلطان دهلك أكرم وفادتهم في بداية الأمر كضيوف :... (في اليوم التالي عادوا ألينا مع الهدايا من الحليب واللحم والعسل وابلغونا رغبة الملك في التحدث إلي" الكابيتانو" فيما سلموا السفير رسالة إليه يعرب فيها الملك عن سروره بمجيئه .. وبعد ثلاثة أيام وصل الملك وكان يحرسه /500/جندي مسلحين بالنبال والأقواس والتروس وبعض السيوف الشبيهة بسيوفنا ..وأولو الشأن منهم كانوا يمتطون الجمال والخيول العربية السريعة وكان معهم عازفون علي آلات موسيقية يعزفون عليها حسب الأعراف المحلية .وكان الملك يرتدي وفقا للطريقة العربية , سترة حريرية
مطرزة بالذهب : شاب في الخامسة والعشرين ,اسمر غامق اللون ,اسود الشعر , شأن سائر مسلمي بلاد العرب السعيدة .... )* ص12
وعن هذه الحملة يقول ( داميا دي غوريش) في كتابه "تاريخ الملك دوم عمانويل ": (إن ثمة مدينة واحدة نبيلة المظهر تحت اسم الجزيرة نفسه ,وبعض الضيع لها مظهر القرى ....وكان السكان قد حملوا معهم كل شيئ تخوفها من هذه الحملة , فلم نجد سوي بعض القطعان التي كانوا قد ذبحوها , بما فيها الجمال ....وبعد أن حكم ديغو لويس بأنه ليس هناك شئ يفعله في هذه النواحي أمر ,تدليلا علي ما كان سيفعله بالسكان فيما لو وجدهم , بهدم بعض البيوت التي تستحق الذكر , المبنية بالحجر والكلس , وبعد ذلك أمر بحرق المدينة )* ص 13

(ويذكر البرتغاليون أن السلطان احمد بن إسماعيل تصالح معهم وخضع لنفوذهم حتى وفاته في عام /1540/)* ص13.. غير إن عرب فقيه الجيزاني في كتابه ( فتوح الحبشة يشير إلي إن السلطان احمد قد تولي حكما علي دهلك وحرقيقو من قبل الإمام احمد بن السلطان احمد بن إبراهيم ,فاتح الحبشة الذي قتل بأيدي البرتقاليين عام /1543/ بعد إن نجدوا ملك الحبشة ضد الغزو الإسلامي الذي دام نحو عشرين عاما ){ }.
( جزيرة دهلك ، التي تشكل جزاً من أرخبيل يحمل هذا الاسم شرقي مصوع ، هي احد الأمكنة الأكثر قحطا والأكثر امتناعا في البحر الاحمر حيث توفر المياه العذبة خزانات حفرها الفرس في الصخر، بحسب تقاليدهم، تملؤها أمطار كانون الاول ديسمبر، وكانون الثاني (يناير) وشباط ( فبراير ) ولا ينبت في الجزيرة سوي بضع شجيرات من الطلح ( الاكاسيا) ومجموعة حيواناتها قليلة الوفرة ، وسكانها البائسون لا يتعيشون إلا من صيد سمكهم . ومن بعض قطعان الجمال والماعز)
(وقد بسطت جزيرة دهلك في البلاد رخاء تشهد عليه أنصاب تذكارية متنوعة ولا سيما النقوش الكتابية المحفورة حفرا عميقا في الحجر والقسم الأكبر من هذه الأخيرة موجود بحسب اقوال (سالت) المؤرخ البريطاني الذي عاينها باهتمام حول جامع مرفأ جزيرة دهلك كبير المدينة الرئيسية في الأرخبيل والباقي في جامعين متهدمين ، نوه عنهما الرحالة ....... إن تنقيبا منهجيا من شانه أن يقدم معلومات ثمينة ومفيدة ).

تاريخ جزيرة دهلك :-
(ويمكن القول إن دهلك تعد مهد الحضارة لمنطقة شمالي شرقي أفريقيا. فقد كانت بحكم موقعها الجغرافي القريب من البرين الأفريقي والعربي علي مقربه من طريق الملاحة الدولي في البحر الأحمر ، ملتقي الحضارات ومركزا للتجارة قصدها المصريون في عهد حتشبسوت في طريقهم إلي بلاد "البنت " كما قصدها اليونانيون في عهد البطالسة في مصر وذكرها مؤرخ كشاف البحر الارتري (بربلوس ارتريوس ) في القرن الأول الميلادي باسم (اليوس ) ، وأشار إليها المؤرخ اليوناني (ارتميدس ) باسم (إليا)
( وقد تشكل سكانها في الغالب الأعم من الهجرات اليمنية ... إذ لا تبعد عن الساحل اليمني سوي نحو خمسين كيلو متراً.... واستقرت بها موجات المهاجرين الحميريين في عهد سبأ منذ أكثر من ألفين وخمسمائة عام كما يؤكد ذلك المؤرخ الايطالي " كونت روسيني " . . عندما بسط الفرس في عهد " خسرو" سلطانهم علي اليمن في القرن السادس الميلادي اثر طردهم الاحباش في سياق صراعهم مع الامبراطورية الرومانية ، مدوا سيطرتهم علي دهلك ... بعد ظهور الإسلام ارتبطت دهلك وتوابعها بالإمبراطورية العربية وقد اتخذها العرب في بداية الأمر منفى للمغضوب عليهم منذ عهد الخليفة عمر بن الخطاب ثم جرى احتلالها في عام 84هـ من قبل الدولة الأموية ... واتخذوا منها مقرا لحماية طرق التجارة في البحر الأحمر)

دهلك منفي وسجن
( نجد أن الجزيرة قد أتي علي ذكرها للمرة الأولي كمركز للنفي في عهد الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك عندما نفى إليها الشاعر الاحوص ..... وقد ورد انه نفاه إلي ارض الشوك أو دهلك) ( وجد الباحث منطقة تسمي برأس الشوك من دهلك ذات حجارة مسننة كلاشواك في الجزء المقابل للجزيرة العربية من دهلك (
(وقد نفي إليها يزيد بن عبد الملك عام 721هـ احد فقها المدينة اسمه عراق بن مالك ) .
(كما نفى إليها الخليفة المنصور ( 136 – 158هـ ) أبناء عبد الجبار والي خراسان بعد أن مثل بالأب وأعدمه )
( نفي إلي دهلك الشاعر عمرو بن أبي ربيعة المخزومي القرشي الذي "ولد عام 13هـ وتوفي ) " بأمر من الخليفة عمر بن عبد العزيز 93 هـ عام



دهلك في الأدب والشعر
ذكرت جزيرة دهلك في أقوال الشعراء فقال عنها أبو المقدام { }
لو أصبحت خلف الثريا لزرتها *** بنفسي ولو كانت بدهلك دورها
وقال عنها أبو الفتح نصر الله بن عبد الله السكندري
وأقبح بدهلك من بلدة فكل امرؤ حلها هالك
كفاك دليلا علي إنها جحيم وخازنها مالك { }
وكان يتقلد الملك في دهلك مالك بن شداد { }
ذكرها كثير عزة في قصيدته التي مطلعها:
شجا قلبه إظهان سعدي ألسؤالك .....................ليقول :
كأن عدوليا زهاء حمولها غدت ترتمي الدهناء بها والدهالك {
(ذكر بن خلدون في كتاب (العبر) الجزء الرابع صفحة 216 .لا يذكر سعيدا وجياشا اللذين التجاء
إلى دهلك حيث درسا القران بعد أن تم طردهم من زبيد )
معنى دهلك
(ولفظ دهلك التي هي علي الأرجح ذات منشأ بلدي , فلم يعط لها أي تفسير مقنع حتى ألان )
( ياقوت الحموي يقول بعد تهجيتها "بفتح أوله وسكون ثانيه ولام مفتوحة وآخره كاف" أنها لفظة أعجمية معربة وإنها تلفظ أيضا "دهيك" )
( ويقدم { بروس} تفسيرا وهو ملاحظة إن أسماء معظم الجزر بالأرخبيل يبدأ (بدهل) أو "دل" فان هاتين اللفظين يعنيان جزيرة في لغة البجة)
( الدكتور خوان دي كاسترو يدعي في روايته عن رحلة استبغام { 51 عاماً } ان هذه اللفظة صادرة عن العربية وتعني { ده لاخ } فخلط هذا اللفظ بين الفارسية والعربية }
شأن الاشتقاق الذي تبناه أهل البلاد الذين ولدوا لفظها { دهلك } من لفظتين عربيتين { دار الهلاك )
دهلك والنزاعات السياسية
(تعرضت دهلك وتوابعها بسبب موقعها الاستراتيجي في البحر الأحمر , لاعتداءات من جيرانها الأقوياء كما تعرضت للاحتلال أو محاولة الاحتلال من القوى العظمى .(الفرانكيون "قبائل المانية بقيادة رينود دي تشاتليون .. الصينيون عام 1432 بقيادة اونوتش سانباوا الأكبر والبرتقالي في بداية القرن السادس عشر ثم الأتراك العثمانيون عام 1556)
( عنيت الدولة الإسلامية بتتبع الفارين منها والمناوئين لها إلي حيث استقروا خشية ان يبذلوا العون لمن بقي من إخوانهم ,فاستولت علي مجموعة جزر دهلك المواجهة لميناء مصوع والتي كانت مركزا لتجارة مزدهرة ........ وذلك في عهد عبد الملك بن مروان في عام 83هـ 702م...} ويعد استيلاء الجيش الإسلامي عليها أول فتح رسمي لبعض المناطق الإستراتيجية في الشرق الأفريقي وصارت رأس الجسر الذي عبر عليه الإسلام وثقافته إلي شرقي أفريقيا وظلت سيادة المسلمين على هذا الموقع الاستراتيجي طوال العصر الأموي وشطراً من العصر العباسي حتى عهد الخليفة المأمون , فقد تعرضت هذه الجزر لغارات من الهند في النصف الأول من القرن الثاني الهجري وذلك بسبب نفي بني عبد الجبار حاكم خرسان من قبل المنصور إلى دهلك سنة 141هـ .... كما وجدت نقوش عربية في تلك الجزر تعود إلى القرن الثالث الهجري){
( وخضعت لأمراء ذبيد باليمين منذ القرن التاسع إلي القرن الثاني عشر الميلادي .وقد استقل السلطان ناصر الدين بدهلك واخضع ذبيد نفسها لحكمه حتى عام 1061 م ... تعرضت دهلك إلي تدمير وحشي من قبل الأسطول البرتقالي الذي وصل إليها عام 1513 م..... في القرنين الحادي عشر والثاني عشر سادت دهلك وأصبحت المركز الرئيسي للتجارة في البحر الأحمر ..لكن ازدهرت مع ذلك تجارة الرقيق ... اكتفت جزيرة دهلك اقتصاديا ومرت عبر تجارب ذات أهمية مميزة خصوصا ما بين 1093 و1250 تحت حكم سلسة من السلاطين التي أسسها المبارك)

شكل رقم (3) جدول يوضح تسلسل السلاطين الذين تعاقبوا على جزيرة دهلك
ترجمة الجدول شكل رقم (3):-
1- المبارك 460 هجرية 1093 ميلادية
2- أبو السداد الموفق 542 هجرية 1148 ميلادية
3- يحيى 563 هجرية 1167 ميلادية
4- أبو السداد الموفق (الثاني ) 563 هجرية 1168 ميلادية
5- مالك 567 هجرية 1172 ميلادية
6- يحيى الثاني 615 هجرية 1218 ميلادية
7- أبو عبد الله 627 هجرية 1230 ميلادية
8- أبو السداد الثالث 647 هجرية 1249 ميلادية
- زكية 589 هجرية 1193 ميلادية
- زينة الملك 577 هجرية 1181 ميلادية
ست الملك 566 هجرية 1171 ميلادية

الرحلة إلى دهلك :-
بدأ الباحث الرحلة في 11/12/2005م مع الفصل الماطر في شرق وغرب البحر الأحمر حيث كانت درجات الحرارة في الجزيرة معتدلة مما أتاح التحرك في إرجائها دون عناء حيث تبلغ درجات الحرارة في فصل الصيف أكثر من 45 درجة مع معدلات الرطوبة العالية جداً إضافة إلى ارض الجزيرة الصخرية التي تعكس أشعة الشمس. استغرقت الرحلة ساعة من الزمن بمركب سريع وكانت الأمواج والرياح الشمالية الشرقية عالية ومواجهةً مما دفع قائد المركب للاتجاه إلى الناحية الشمالية من الجزيرة في احد قرى دهلك تسمى { جمهلي } ومرساها المسمى كوشة .
تقع مناطق الآثار التي تحتوي معظم النقوش المقصودة في جنوب الجزيرة وتبعد بالسيارة ساعتين تقريباً حيث يعبر الطريق معظم قرى الجزيرة في رحلتها من الشمال إلى الجنوب .
لفت انتباه الباحث وجود مقابر كثيرة في كل قرية مقارنة بإعداد السكان الأحياء وأسلوب الدفن على الطريقة الإسلامية ويمكن تقدير تعداد السكان في كل الجزيرة بين ألفين وثلاثة آلاف هناك مقابر في منطقة تسمى أدال أو رأس الشوك التي تبعد حوالي الساعة ناحية الشرق من دهلك كبير حيث المقابر ذات الشواهد المعنية .
المباني في الجزيرة من نوعين مباني من الحجر الجيري البحري – { الكورال } في المباني الثابتة ويستخرج من الجزيرة وبدلاً عن الاسمنت يتم حرق نوع معين من الحجر المستخرج من احد أودية الجزيرة من ثم يطحن ويعجن بالماء ويترك ليتخمر ويستعمل كذلك في بناء سقوف الآبار المنحوتة في الصخر في جميع أنحاء جزيرة دهلك وفي بناء المساجد أما النوع الثاني من المباني فهو اما من القش أو من الخشب { صندقة } أو من الشعر كما ذكر المواطنون.
يتحدث أهل دهلك لغة خليط من العربية واللغات المحلية - والتقري والتقرينجة والعفرية والساهو وتسمى لغتهم " لغة الدهاليك " ويطلقون كلمة الأولين على أصحاب المقابر .
دهلك كبير حيث المقابر ذات الشواهد المنقوشة تقع في الجزء الجنوبي من الجزيرة من الناحية المقابلة للأراضي الاريترية ويفصلها عن البر أميال قليلة عن شبه جزيرة " بوري أو انقل" حيث يقول الأهالي ان الصحابة رضوان الله عليهم نزلوا بها بعد مرورهم بدهلك كبير. يذكر الأهالي كذلك انه كانت لدهلك أشجار شوكيه كثيرة وكان الماء أوفر من الآن وكانت بالشواطئ غابات من أشجار تسمى( الشورة) التي ترتوي من ماء البحر وكانت كثيفة جدا وقد ذكروا ان تلك الأشجار أزالها البرتغاليون لمحاربة تجارة الرقيق التي كانت دهلك احد محطاتها الهامة .
الحياة البرية تتمثل في الغزلان التي ليست بالكثرة الملاحظة و بها عدد من الأغنام والجمال والقطط . أما الكلاب والذئاب والضباع فليس لها وجود في الجزيرة فقد ذكر الأهالي إن هنالك أمراض تصيبها تؤدي الى تساقط شعرها وتموت .
الآثار المتوفرة بشكل أنقاض كانت قصوراً أو مباني في دهلك كبير تقع في مساحة صغيرة وهنالك تلال ثلاث توحي بأنها كانت قصوراً أكبرها قصر السلطان الذي بني على دعائم من أعمدة المرمر المزخرفة على الطراز الروماني (الشكل رقم 4) وبعض الحجارة المربعة السوداء التي تغير لونها ربما بفعل الحريق الذي أشعله البرتغاليون عندما دمروا دهلك سنة 1527.




شكل (4) عمود من المرمر منحوت على
النمط الروماني في حطام احد القصور السلطانية



يوجد في جزيرة دهلك" حسب رواية الأهالي" ثلاثمائة وستين صهريجا ارضيا يسع أكبرها بين
( 50 إلى 60 مترا مكعبا) من الماء وأصغرها بين( 25 – 40 مترا مكعبا) وتم حفرها على الحجر الجيري بأسلوب متقن بالزوايا واستقامة الجدران (الشكل رقم 6)






( شكل رقم 5) احد الخزانات الأرضية
محفور على السطح ومسقوف الحجارة
شاهدت الباحث عددا ليس قليل من هده الخزانات خلال تحركه على الجزيرة لا يصل إلى الرقم الذي ذكره الأهالي الذين التقى بهم وهو 360 خزانا









خزان ارضي محفور على السطح غير مكتمل

(وبعض الخزانات محفور من سطح الأرض بشكل مستطيل وبني سقفه من حجارة الكورال الجيرية بالاسمنت الطبيعي المذكور(الشكل رقم5)
وكانت دهلك تمد المراكب والمواطنين بالماء طوال العام بحيث يستهلكون كل يوم خزانا واحداً هناك بعض الخزانات تعرض للتخريب والانهيار وبعضها دفن تماماً وذكر الأهالي أنهم يستعملون بعض هذه الخزانات حتى الآن و إنها كانت مستعملة كلها حتى الخمسين سنة الفائتة وقد قادت قوات البحرية الاريترية حملة لصيانتها في التسعينات من القرن الماضي


شكل رقم (7) خزان تحت الأرض يسع ( 50-60) مترا مكعبا مع قنوات تقود الماء إلى الفتحة بالسقف
بعض الخزانات تم فيها الحفر حول أعمدة في وسطها (شكل 8) لحماية سطحها من السقوط إذ أن الخزانات بكاملها تحت الأرض مع صنع فتحه صغيرة في السقف لدخول الماء(شكل 7) و يبلغ سمك قشرة الأرض في سقف الخزان بين ( 70- 100سم )









(الشكل رقم.(8) خزان تحت الأرض مع أعمدة تحمل السقف منحوتة مع جسم الخزان

نقوش دهلك في المنشورات والتوثيق
(كان الأستاذ ماكس فان برشم من أوائل من لفت الانتباه إلى أهمية الكتابات الأثرية العربية بما في ذلك النصوص الجنائزية وشواهد القبور ... والتي حظيت بدراسات مستقلة كان من أهمها نشر بعض مجموعات الشواهد بمتحف الفن الإسلامي بالقاهرة... ومن الواضح أن لشواهد القبور دورا مباشرا في دراسات تاريخية معينة قبل دراسة تطور الخط العربي الزخرفة الإسلامية لاسيما أن كثيراً من الشواهد مؤرخ وبعضها يشتمل على أسماء كتابها ... وقد تمدنا بمعلومات ربما ضئيلة في حد ذاتها غير أنها تصبح ذات قيمة كبيرة عند مقارنتها بالمعلومات المستمدة من المصادر الأخرى إذ قد تضيف حقائق جديدة أو تصحح أخطاء شائعة أو ترجح بعض الآراء على غيرها وقد تزودنا بأسماء مشاهير.... وفضلاً عن ذلك تقدم لنا الكتابات الجنائزية ثروة ضخمة من أسماء عامة الناس الذين يندر ذكرهم في المؤلفات الأدبية وقد تلقي هذه الأسماء بعض الأضواء على التنقلات والهجرات وبعض النواحي اللغوية وقد تكون الأسماء مصحوبة بالوظائف أو الحرف أو المذاهب مما قد يساعد في دراسات تاريخية متنوعة سواء في مجال الاجتماع أو الدين أو النظم . ربما كان في الإمكان أيضا تحقيق بعض الروابط الأسرية بين أصحاب الشواهد ... وبالإضافة الى ذلك فقد تفيد الشواهد في دراسة المراسيم وذلك بما تشتمل من ألقاب أو أدعية أو ما يستنبط من ذلك ومن بعض المعلومات مثل نظم الحكم والسياسة والمعتقدات والآداب )


بعض ما كتب عن نقوش دهلك
هناك بعض المؤلفات التي وجد الباحث أنها تطرقت إلي النقوش في جزيرة دهلك أهمها ثلاث أجزاء صورها وترجمها إلي الايطالية( G.oman) صدر اثنان منها في نابولي عام 1976م { } وصدر الثالث في نابولي أيضا في 1987م.... بالإضافة إلي ما كتب عن بعض النقوش في الجريدة الأسيوية عن( رينية باسية) أستاذ في المعهد العالي للآداب بالجزائر باريس 1893 بعنوان "النقوش الكتابية في جزيرة دهلك" الذي ترجمته ونشرته البعثة الخارجية لجبهة التحرير الارترية عام 1977
هناك بعض الإشارات لجزيرة دهلك في بعض المواقع بالشبكة العنكبوتية في { Google search } تحت اسم { دهلك } وقد وجد الباحث عدد ليس قليل من المواضيع التي تطرقت الي دهلك في كتابات برتقالية غير مترجمة موجودة حاليا في مكتبة تابعة للبعثة الكاثوليكية في مدينة اسمرا في اريتريا .
تطرق جوفاني اومان الى عدد من النقوش بالترجمة إلي الايطالية في مؤلفاته التي ذكر من خلالها في الأجزاء الثلاثة أن هناك عدد من شواهد القبور أخذت من دهلك إلي مناطق مختلفة من العالم بما فيها ما هو موجود الآن في المتحف القومي السوداني وهذه النقوش حسب الجداول (رقم ----)

( إن هذه النقوش .... قد أصبحت مصدراً نفيساً للأدلة التاريخية حيث تشير إلى أصول الموتى بعضهم من دهلك وبعضهم الآخر من الجزيرة العربية ، اليمن الحبشة ، مصر ، سوريا بغداد وإيران ، سمر قند ، جورجيا ، بيزنطة ، تونس المغرب ، وفالنسيا في اسبانيا . تمدنا بالمعلومات عن منزلة أو مهنة بعض الأفراد مثل البنائين والخياطين أو صانعوا الأدوات النحاسية أو التجار أو أصحاب السفن أو وكلاء أو محاموا تجار وتحمل بعض الشواهد أسماء مهيبة كانت تمنح للسلاطين مثل "حامي التقدم الإسلامي " و" زينة الدين " و" مقوي العدالة في العالم "و" السلطان العظيم " )
(تم حفظ حوالي 260 من شواهد القبور الحجرية والمصنوعة من البازلت أقدمها يعود للقرن العاشر والأحدث يعود للقرن السادس عشر الميلادي)

(شكل رقم 9) جدول يوضح أماكن نقوش دهلك في العالم
ترجمة الجدول كالآتي
1/في متاحف أسيا :-
* الهند 1- متحف أمير ويلز غربي الهند بومباي (3 )
2- متحف المجتمع الأسيوي البنغالي – كاليكوتا (1)
* - في أفريقيا :-
1 – مصر –متحف الفن الإسلامي بالقاهرة .... (9 )
2- السودان- المتحف القومي السوداني (5)
3- ارتريا –المتحف الوطني الارتري (63)
* في أوروبا :-
1 - انكلترا –المتحف البريطاني –لندن (3 )
2- اليونان – متحف بيناكي اثينا (1)
3- فرنسا - متحف "بار-له- دوق" (1 )
4- ايطاليا – متحف مودينا موثق (61 )
و في متحف بايلو دي تريفسو (1)













كيف برزت نقوش دهلك إلى العالم :-
تعرض" رينيه باسيه" في- مرجع سبق ذكره- بالتحليل لشاهد قبر يخص ( السلطان احمد بن إسماعيل الذي تسبب في لفت الانتباه إلى كنوز هذه الجزيرة المنقوشة في شواهد القبور ...... فان نقشاً كتابياً ضريحي في متحف { بار – له – دوق }... تثبت أن للحجارة مصائر كالكتب ، فالسلطان احمد بن إسماعيل الذي توفى في القرن السادس عشر وجد شاهد قبره مكاناً في متحف عقب الظروف التالية :-
(إن جوالاً انتدبته مؤسسة تجارية لدرس أسواق الجزيرة العربية وأفريقيا نقل بين تحف أخرى ثلاثة نقوش عثر عليها في دهلك ... مات الجوال عند عودته إلى باريس فأهمل الحجر واستخدم لتسنيد العربات ، إلى أن لمحه عالم آثار لامع هو { ماكس اورلي } المعروف بأبحاثه في تاريخ المنطقة الشمالية – الشرقية وآثارها فحصل بدون صعوبة على هذا الحجر وأهداه إلى المتحف المذكور سنة 1876م جرى اطلاع السيد { سوفير } المترجم الملحق في قنصلية القاهرة وقتئذ على هذا النقش الكتابي فقام بترجمته ولسوء الحظ كانت الترجمة شبه ضائعة ، اذ نشرت بدون النقش
وبدون صور طبق الأصل في حاشية محاضر { أبحاث جمعية الآداب والعلوم والفنون في{ بار – له – دوق " الشكل رقم (10) نقش السلطان احمد بن السلطان إسماعيل { }

شكل رقم (10) نقش السلطان احمد بن إسماعيل في متحف "بار-له-دوق" في فرنسا

عدد النقوش التي نحيط بها علماً حتى الآن : نقشان كتابيان جلبا إلى انجلترا ونشرا بصورة سيئة على كل حال ، في أطلس رحلة فالنسيا النقش الأول استنسخه بصورة أدق { هوتن } الذي جعل منه مادة
لبحث قصيرة وأعطى { روبيل } ترجمة تقريبية لنقش كتابي ترك نصه جانباً .......وأخيرا يبرز النقش ألضريحي الذي ندين بحفظه لـ { ماكس اورلي } ، وهو من حيث المعطيات التاريخية التي ينطوي عليها أهم النقوش جميعا ً ... ان حاشية محاضر أبحاث جمعية الآداب في { بار - له - دوق } تنطوي أيضا على ترجمات للسيد { سوفينير } نقلاً عن صورة نقوش طباعيه لكتابات لم يشر إلى مصدرها وربما جاءت من دهلك { }






















الفصل الثاني
المبحث الأول
النقوش العربية القديمة على شواهد القبور في جزيرة دهلك
نقشت الكتابات العربية القديمة على شواهد القبور في قرية” دهلك كبير ” التي تبعد حوالي 250 متراً عن ساحل البحر أو المرفأ وتميزت
قبور جزيرة دهلك
يميز قبور دهلك وجود حجارة مسطحة وتوضع على جنبات القبر وفوقه وهي جيرية قوية يبلغ سمكها بين 10 إلى 15 سم و أبعادها في بعض الأحيان تصل إلى 250 ؛ 100 سم تجلب من جزيرة يطلق عليها { دسي } قرب دهلك وتوجد طبيعية أي لا تشذب وذات مصقولة بجانب واحد ( الشكل 11)














الشكل (11) الحجارة التي تجلب من جزيرة دسي وتوضع على جنبات القبر

أما الحجارة التي عليها النقوش فهي سوداء اللون أو حمراء مائلة للسواد صلبة وتكون لامعة أحيانا ويتم جلبها من منطقة تسمى { أم كلو } وهي مصدر هذه الحجارة البازلتية وتقع غرب مدينة مصوع في البر الاريتري - علم الباحث إن الغرض من جلب هذه الحجارة إلى دهلك لم يكن في بادئ الأمر لكتابة شواهد القبور وإنما كانت تجلب لاستعمالها في طحن الحبوب قبل اكتشاف الأساليب المتطورة والمطاحن الحالية .
كانت دهلك كبير موقعاً تجارياً هاماً تغشاها سفن تجارية من كل البلدان …وقد كان نظام المراكب الشراعية في الترتيب الداخلي للعمالة يحتوي كل مركب على شخص طحان وغالباً ما يكون في ماضيه قائد المركب { ناخودة } وعندما يشيخ يتدنى مرتبة إلى


شكل رقم (12) شاهد قبر" لناخودة " بتاريخ السدس والعشرون من جمادي الآخر سنة ثمان عشر وستماية

طحان المركب ذاته وهو الذي يستعمل هذه الحجارة المعروفة في السودان (بالمرحاكة) وغالباً ما كان يتم تغيير حجر الطحين هذا في جزيرة دهلك كموقع تجاري هام و بحكم قربها من مصدر الحجارة وإمكانية تغييرها فاستعملت في كتابة شواهد القبور .
لاحظ الباحث إن عدد النقوش التي تمت على حجارة كانت مطاحنا قليلة نسبياً عن الحجارة التي صممت نقشاً وهي حديثة من ذلك تطورت الفكرة فشملت أحجار الطحين الجديدة بعد تجهيزها وصقلها وقد وجد الباحث أعدادا هائلة من هذه الحجارة الجديدة منها ما هو ليس منقوشا .
وحجارة المطاحن مميزة في أشكالها وذلك بالخطوط الكنتورية الطولية والعرضية والانسيابية وفي تجويف بطن الحجر أو تقوس وسطه وأنها دائماً ملساء وسوداء (شكل13) أما الحجارة الجديدة المعالجة فهي مسطحة تماماً(شكل14)
يتم طحن الغلال علي الحجارة - ويكون سطحها خشنا - بوضع الحبوب عليها وحكها بحجر صغير فإذا صار سطح الحجر ناعما نتيجة للاستعمال تتم معالجته بوضعه تحت الشمس ثم نقره بحجر أخر أو بشيء حاد حتى يصير خشناً مرة أخرى ليطحن الحبوب وهي الطريقة التي تمت بها معالجة الحجارة التي عليها النقوش في الجزيرة فكان الحجر يدهن بدهن سمك القرش { أبو منشار } ويحك جيداً بالحجر الصغير حتى يصير ناعماً واسوداً ثم يطرق بمسمار من مسامير المراكب المصنع يدوياً بعد أن يتم تخطيط الكتابة على الحجر أو رسم الخط عليه ويبدو أن حجارة الطحين المستعملة يحضرها الطحانون من المركب أما لتغيرها أو بتركها على الساحل










شكل رقم (13) نقش على حجر كان مطحنا شكل رقم (14) نقش على حجر جديد

….كما توجد بعض الحجارة من المرمر وهي خاصة بنقوش السلاطين والأثرياء (شكل15) .. وكانت الشواهد توضع على جانب القبر من الناحية الشرقية وبعض القبور تحتوي على شاهدين وهناك قبر لشخصين(شكل16)


شاهد قبر سلطاني من المرمر (15) شاهد قبر لشخصين في قبر واحد (16)
بعض النقوش كانت تدفن على الأرض وأحيانا توضع على حائط مبني الإشكال 17-18 }











نقش على حائط (17) نقش على الأرض (18)


(19-20) شاهدي قبر باسم يحي بن عثمان بن عبد الله.توفي فيي شعبان من سنة تسع وتسعين ومائتين
.
1- ( هذا قبر يحي بن عثمان بن عبد الله ونور له قبره واجعله من رفقاء محمد صلى الله عليه وسلم وكانت وفاته رحمه الله عليه في شعبان من سنة تسعة وتسعين ومائتين هجرية.)
2-(بسم الله الرحمن الرحيم شهد الله انه اله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط إلا اله إلا هو العزيز الحكيم الله رب العرش العظيم صلي على محمد عبدك ورسولك صلى الله عليه وسلم وارحم يحي بن عثمان بن عبد الله ونور عليه قبره واجعله من رفقا محمد صلى اله عليه وسلم توفي رحمة الله عليه في شعبان من سنة تسع وتسعين ومائتين)
(وجد هذا النوع من النقوش على شواهد من القبور في المملكة العربية السعودية خاصة في بني سليم ، الفاو ، مكة ، ويوجد حوالي 24 شاهداً بالمتحف بكلية الآداب جامعة الرياض) (الشكلين ادناه)










نقوش دهلك الخامات والأسلوب
بدأت النقوش علي حجارة غير مشذبة وكان الاعتناء بسطح الحجر للنقش بحكه بحجر آخر لصقل السطح وكانت الحجارة من النوع المتوفر بالجزيرة أي غير مختار أو مجلوب من مكان آخر وكان يكتب عليه بالحفر البسيط غير العميق بمسمار الجلاب أو نوع من الحجر الذي يحتوي على كميات من الحديد في منطقة جبل قدم الذي يقع على مسافة ليست بعيدة من دهلك في الأراضي الاريترية , التصميم أو الكتابة وتوزيعها بالمساحة المعدة للنقش فقد كان متوازناً سواء في نوع و شكل الحرف وتوزيع المساحة و الكتابة والزخارف ومراعاة الجزء الذي يغرس في الأرض لتميز القبر , كانت النقوش الأولى تحتوي على كلمات قليلة وبسيطة التصميم اما الشواهد اللاحقة فقد كانت الكتابة تملا كل الحجر الشاهد أحيانا ويتم غرسها في الأرض مما أضاع بعض معالمها
بصفة عامة كانت شواهد القبور وكتاباتها نوع من التميز لأسر بعينها أو لرموز في المجتمع أو حكاماً أو سلاطيناً فالسلاطين وأسرهم خاصة كانت تكتب لهم شواهد مزخرفة مميزة وجيدة الصقل أو من حجارة المرمر المتوفرة في ارض اريتريا بالقرب من الساحل قبالة دهلك . وكلماتها كثيرة وتحتوي على سجع وألفاظ مهيبة وكذلك الشأن في النقوش المعدة لأسرهم , النساء وبنات السلاطين ثم العباد والشيوخ الدينين وحفظة القران الطبقة المميزة في المجتمع والشباب والنواخيد {* }
وكانت تطلق صفات كثيرة على صاحب القبر أحيانا تذكر مهنته مثل الخياط والناخودة أو يذكر لقبه وكنيته مثل المكي والمدني والمري والأندلسي و لم يعثر الباحث على شاهد به تاريخ ولادة الميت أو عمره عند وفاته.

أسلوب كتابة التأريخ على النقوش
كانت التواريخ تكتب على بعض الشواهد وكذلك مهنة المتوفى وكانت تؤرخ بالهجري وتكتب على صور مختلفة حسب اليوم المراد التاريخ به مثلا ً :-
1- توفي لثماني بقين من ربيع الأول...
2- توفي سلخ شعبان....
3- توفي في شوال سنة كذا......
4- توفي السبت النصف من ربيع......
5- توفي لأحد عشر ليلة خلت من ربيع.......
6- توفي نهار الجمعة الحادي عشر من ذو القعدة الحرام
7- توفي السبت مستهل ربيع الآخر.......
8- توفي ليلة بقيت من رمضان
9- توفي السبت لأربع قضيتا من شعبان......
اما السنوات فكانت تكتب في مثلا (اثنين وثلاثين وأربعمائة أو احد عشر وثلاثمائة أو تسعة وتسعين وثلاثمائة )
تحتوي معظم الشواهد على آيات من القران الكريم أو أساليب متنوعة من الترحم والدعاء وذكر محاسن المتوفى وهناك أسلوب مميز لفت انتباه الباحث وهو السجع ذو المعاني الرنانة والأسلوب الشعري مما يؤكد أن دهلك كانت في ذلك العصر مملكةً ذات طراز جامع لصنوف الآداب والمهن والعلم والتجارة يرتادها أناس من مختلف أنحاء الدنيا وبعضهم توفي فيها .
بعض الشواهد مكتوب فيها اسم الكاتب وبعضها تتشابه حروفه وتصميمه وأسلوب كتابته مما يسهل إمكانية التعرف على كاتب النقش مقارنه مع النقوش المتشابهة ذات التاريخ التي عليها اسم الكاتب كما تشير بعض النقوش إلى تسلسل الأسر .

نماذج من الدعاء والشعر على النقوش
من الأدعية والسجع والآيات الني كتبت في شواهد القبور المتوفرة والتي تأكد انتمائها لجزيرة دهلك

*/ دعاء من الحجر الذي يعتبر الأقدم بين النقوش وبعد البسملة.

اللهم إذا جمعت الملأ لفصل القضاء وإبانة الجزاء
فعفوت عن المذنبين وأقلت العاثرين بقديم طولك
وكريم فضلك صلي على محمد نبيك واجعل ...من الآمنين

*/ من أنواع السجع أو الشعر
والى الله أشكو لا إلى الناس إنني أراني أبقى والأخلاء تذهب
أخلايا لو غير الحمام أصابكم عتبت ولكن ما على الموت معتب

* مــــــا كــــــان أطيب أياما بكم سلفت والدار دانية والعيش في رغد
مزقت بنا الأيام على رمال من بعدكم ولم يعد

* قل للحبيب تحت أطباق الثرى إن كان يسع صرختي وندايا

ياقاهراً بالمنايا كل قهار....... . بنور وجهك اعتقني من النار إليك أسلمت من كان يعضدني......... من أهل ودي وأخواني وأنصاري











شكل رقم (20) نقش بدون توقيع الكاتب بتاريخ , الخميس لعشر خلين من رمضان سنة تسعن وتسعين ومائتين

تصنيف نقوش دهلك وكاتبوها
يمكن تجميع المتشابهات بناء على الأسس الآتية :-
1/ تشابه من حيث شكل الحرف
2/ تشابه من حيث أسلوب الحفر والنقش
3/تشابه من خلال الدعاء والآيات
4/تشابه من خلال نوع الخامة
5/تشابه من حيث التصميم العام للنقش
6/التاريخ
إضافة إلى اهتمام الكاتب بتشذيب جوانب الشاهد بجعل قمته مستديرة أو مثلثة أو إذا كان ينقش علي الحجر دون الاهتمام بالتفاصيل الجمالية والزخرفة
يوجد التاريخ في الكثير من الشواهد وإهماله في بعضها مع استعمال الكتابة كزخرفة في أطراف الشاهد أو مراحل تطور الحفر بالنقش من رفيع سطحي إلى حفر عريض إلى جعل الحفر بارزاً عريضاً وحفر ما حوله إلى جعل الحرف ليناً زاهياً ثم إلى تصميم الحروف وتداخلها في الحروف اللينة ثم إلى التحلية والزخارف الرائعة وما يفرق بين هذه الشواهد هو معاملة وصقل وتهيئة السطح .
أما من ناحية توقيع الكاتب فكان يكتب اسمه في النقوش في رأس الشاهد أحيانا مثل – بوكلب المقبري- أو في ذيله أو وسطه أو جنبه –مثل عبد الرحمن بن أبي حرمي وولده أو حبيب الله وولده - وقد تميز عمل عبد الرحمن بن أبي حرمي المكي ومحمد بن الحاج احمد بخط النسخ الممزوج بالثلث وخطوطه مزخرفة وينقش على حجارة سوداء ومصقولة وتنسيقه في التصميم مميزا .








السمات الفنية لنقوش دهلك
(نقاش وصفي)
الخامات المستعملة (الحجارة)
{ تكاد لم تبق خامة تصلح للعمل الفني لم يوظف فيها الخط العربي وما يلحق به من زخارف، فمنها الأحجار والأخشاب والآجر والمنسوجات والعاج..)
لاحظ الباحث أن أنواع الحجارة المستخدمة في النقوش ليست من نوع واحد فهي أما من البازلت أو الحجر الأحمر المحتوي على الحديد أو من المرمر السميك أو من الحجر الجيري وفي كل الخامات تمت معالجة الحرف العربي شكلاً ومضموناً بما يدل على إن ( الحروف العربية على أي سطح من السطوح وعلى أي من المجسمات تتشكل وتتلون وفق متطلبات الخامة المستعملة فيها ... كذلك بشان الرأي القائل إن الكتابة اللينة لا تصلح على الأحجار وانه لابد من الخط التذكاري الذي تفرضه طبيعة التنفيذ فالمهارة التقنية ....للخطوط ذات الانحناءات في الخط نفذت بدقة تدل على إن صلابة الخامة لا تشكل معوقاً إزاء استيفاء الخط حقه التام )
الخطوط (النقوش) :-
نقوش دهلك وما بها من مميزات تطورت وفق ( الخصائص البنيوية للخط العربي التي تتشكل من عدة مستويات منها ما يستمد من خصائص العربية من قواعد ومميزات الخط العربي ذاته وهي :-
أ/ الشروط الإملائية في الكتابة العربية ومنها ظاهرتا الوصل والفصل .... التي تعد خاصية متميزة منحتها مرونة فائقة على الأشغال الفضائي حيث تساعد ظاهرتا الوصل والفصل على تماسك البنية الكتابية وبالذات ما يستجد منها عبر الوحدات الخطية ولكي نبين أهمية ذلك نشير إلى موضوعية إدراك الفضاء وهو العنصر الأساسي الذي لا يتحقق دونه إدراك الشكل كلاً أو جزءاً .
ب/ ظاهرة تنوع الخطوط العربية التي ترجع إلى أساسين هما" البسط" و "التقوير" وهما صفتان تعنيان اليبس { الهندسي } واللين وتتسم بها الخطوط الموزونة { الخط الكوفي } والخطوط المنسوبة التي تخط باليد ولا ترسم بأداة هندسية)

لاحظ الباحث ان خطوط دهلك في تنوعها حسب التواريخ المثبتة عليها تمثلت في الآتي :-
نقوس على حجارة محلية غير مصقولة أو مهيأة وإنما تم الحفر عليها فقط لتكون علامة لقبر تحتوي على اسم المتوفى أحيانا ويتم الحفر عليها حفراً رفيقاً غائراً أحيانا لكنها لم تخرج على التنسيق سواء للكتابة أو لشكل الحرف أو قراءته أو الناحية اللغوية أو الإملائية { كما في الشكلين (21-22 }نادرا ما كان يثبت التاريخ في هذا النوع من النقوش














شكل رقم (21) (22) شواهد قبور محلية
1 نقوس على حجارة جهزت لتكون شاهد قبر تم النقش فيها بالحفر العريض غير الغائر على حجارة سوداء من البازلت أو الحجر الأسود الهش كما في { الشكل26.)

0 نقش على حجارة سوداء أو حمراء مهيأة لتكون شاهد قبر صلبة من البازلت تم النقش فيها بالحفر حول الحرف حفرا دقيقا لتحديده وتصميم شكل الحرف (23) أو بحفر الفضاء حول الحرف كاملا كما في الشكل {
1 الشكل24}














شكل رقم (23) تاريخه يوم الاثنين للنصف من ربيع الآخر سنة تسع وتسعين وأربعمائة


شكل رقم (24) يوم السبت لعشر خلون من المحرم سنة سبع وثلثين وأربعمائة
2 نقش على حجارة مهيأة الأسطح تم فيها تصميم الحرف يشابه الخط الكوفي المعاصر وتم فيه حفر الفضاء حول الحرف مما جعلها بارزة وتمت الزخرفة بالحروف والكتابة حول النقش كما في الشكل 25

















شكل رقم (25) حفر الفضاء حول الحروف لإبراز الحروف
برع الخطاطون في ( التقنية التنفيذية في توظيف الإمكانيات الكامنة والظاهرة للخامة وذلك:-
‌أ. في الإفادة من اللون الطبيعي للخامة لصالح التكوين الخطي
‌ب. الإفادة من الضوء الطبيعي ومسا قطه المختلفة قد حفز إبراز الخطوط وما يلحق بها من زخارف
‌ج. الإفادة من التباينات في التركيب السطحي للخامة الواحدة أو الخامات المختلفة للتنويع الجمالي للتفاصيل الخطية وإبراز تفاصيلها )
برع الخطاطون الذين نقشوا خطوط دهلك في جعل شاهد القبر وحده متكاملة سواء في التصميم وشكل الحرف ودلالة الشاهد حتى مع جعل كلمة قبر أو هذا قبر أو اسم المتوفى أو صفه صاحب الشاهد أو بجعل لفظ الجلالة أعلى النص أو اكبر وقد أضاف هذا الأسلوب جمالا على النصوص..وهو ما يعرف ( توظيف عناصر التصميم الخطي في تعزيز الدلالة )
( كما في الأشكال 26-30-31-32)) وأحيانا بجعل الصفة اكبر من الاسم مثل الشاب الأديب والشيخ الفاضل والحرة الفاضلة كما في خطوط النسخ والثلث لعبد الرحمن وابنه وابن أخيه.








شكل رقم (26) نقش محمد بن
عبد الرحمن بن أبي حرمي بتاريخ

5- نقش على حجارة مهيأة تم النقش حول الحرف وتم التصميم بالحروف اللينة كما في الشواهد التي نقشها الخطاطون عبد الرحمن ابن أبي حرمي وابن محمد وابن أخيه بركات ومحمد بن الحاج احمد




شكل رقم (27) نقش عبد الرحمن بن أبي حرمي بتاريخ ليلة الخميس لخمس وعشرين من شعبان سنة تسع ...وخمسمائة

شكل رقم (28) بدون اسم الكاتب بتاريخ عشية الأربعاء الثلمن عشر من ربيع الآخر سنة اثنين وثلاثين وستمائة
. أما توقيع الخطاطون فقد كتب عبد الرحمن بن أبي حرمي اسمه كما يلي عمل / أو كتبه عبد الرحمن بن ابي حرمي عفا الله عنه وعن جميع المسلمين كما في { الشكل رقم ...ص... }


شكل رقم(29) توقيع الخطاط عبد الرحمن بن أبي حرمي

وقد تبعه في ذات الأسلوب سواء بالخط أو التوقيع ابنه محمد غير أن أسلوب محمد في التصميم كان مميزاً بوضع بعض الكلمات بين الحروف الراسية مما يوحي بنسيج الجمل كما في { الشكل 33)


شكل رقم (30) توقيع الخطاط احمد بن عبد الرحمن بن أبي حرمي

خطاطو نقوش دهلك
التصميم بالحرف
{ إن الحرف لوحده كشكل لا يمكن ان يحقق آلية ، وإنما يتحقق ذلك عبر علاقاته النوعية داخل النسق الخطي حيث يكتسب وصفته وشكله واتجاهه .... فالحروف العربية تتمتع بتوصيفات بنيوية متعددة نذكر منها.
هيئة الحرف
- وتشتمل على الحروف البسيطة وهي { د , ذ ، ر ، ز ، و }
- والحروف المجوفة أو ذات الأحواض وهي { ب ، ت ، س ، ش / ص ، ض ، ف ، ق ، ك ، ي / هـ } والحروف المستديرة وهي {ج ، ح ، خ ع ، غ }
- والحروف العمودية وهي { أ ، ل ، ك ، م ، ط ، ظ }
من ناحية الاتصال والانفصال فتشمل الحروف العربية :-
- حروف لا تتغير أشكالها أينما كان موضعها من الكلمة وهي { أ ، د ، ذ ، ر ، ز ، و }
- وحروف لا تتغير أشكالها إذا اتصلت بما قبلها ولكن يقطع نصف الأخير إذا اتصلت بما بعدها وهي { ب ، ت ، ث ، ل ،ك ، س ، ش ، ص ، ض ، م ، ج ، ح ، خ ، ع ، غ ، } والحرفان { ع ، غ } إذا اتصلا بما قبلها استدار مبدؤهما
الخطاطون: الباقية يتغير شكلها في أول الكلمة عنها في وسطها فضلاً عن آخرها وهي { ك ، ي ، هـ } . { }
لاحظ الباحث ان بعض خطاطي دهلك قد تجاوزوا النسق العام للحرف وشكله حسب موقعه في الكلمة بناء على هيئته التي هي شكل الحرف المعلوم فقد رفع بعض الخطاطين نهايات الحروف البسيطة
عمل الباحث على معرفة الخطاطين الذين كتبوا نقوش دهلك من خلال
1. وجود توقيعاتهم أو كتابة أسمائهم كاملة أو جزئية
2. قراءة ما كتب عنهم في الشبكة العنكبوتين خاصة عن عبد الرحمن بن ابي حرمي
3. وجود الكتابات المتشابهة في الحروف والتصاميم المتزامنة التاريخ
4- أشار ت بعض الكتابات الايطالية إل
أسماء خطاطي دهلك
2- الخطاط عبد الرحمن بن أبي حر مي
3- الخطاط محمد بن عبد الرحمن لن أبي حرمي
4- الخطاط بركات ...بن أبي حرمي
5- الخطاط حبيب الله
6- الخطاط محمد بن حبيب الله
7- الخطاط بوكلب بن عباس المقبري
8- الخطاط محمد بن الحاج احمد
مع ملاحظة وجود بعض النقوش التي يمكن من خلال المقارنة إمكانية انتمائها لخطاط معين رغم عدم وجود توقيع بها وذلك عن طريق المقارنة لتصنيفها في مجموعة واحدة.
النقوش التي عليها اسم الكاتب
* الخطاط حبيب الله :-
نجد الكاتب أو الخطاط حبيب الله لا يعتني بوضع اسمه في مكان معين وبارز وإنما كان يضعه في وسط أو طرف أو خارج النص وكان يحفره حفراً دقيقاً ورقيقاً ومتماثلاً في كل النقوش التي يوجد بها اسمه و تشير النقوش التي كتبها إلى وحدة شكل الحرف بكاساته وهيئته المعقدة .

شكل رقم (31) نقش الخطاط حبيب الله بتاريخ الأربعاء ليومين خليا من جمادي الأول سنة سبع وخمسين وأربعمائة

نموذج مع التوقيع للخطاط حبيب الله..(النقش بالمتحف الوطني الارتري بالرقم (34)
كما تمتاز حروفه بتجاوزه لأحد عناصر تصميم الحرف العربي { بالانفصال والاتصال } { } برفع نهاياتها إلى أقصى ارتفاع مما جعل الكتابة المنقوشة طلسم تستعصي قرأته إلا في بعض الحروف أو الكلمات المتداولة والآيات القرآنية المحفوظة والمعروفة المحتوى .
فقد اوجد الخطاط حبيب الله شكلاً غريباً للحروف { و ، ر ، ز ، م ، ن } فكتبها كما في {الشكل 27-السطر السادس } وقد تبعه في ذلك النمط ابنه محمد كما في { الشكلين التاليين} .


شكل رقم (32نقش محمد بن حبيب الله بتاريخ ..شعبان سنة أربع وثمانين وخمسمائة

{الشكل 36) غير موضح عليه اسم الكاتب لكنها تمثل نوعاً فريداً من تصميم الحرف فمع معالجة السطح نجد معالجة أخرى للحرف لملء الفضاء أعلاه بارتكاز الحرف على السطر وامتداده لأعلى وتزيينه وجعل الحروف الساقطة كحرف العين النهائية مثلاً على سطر الارتكاز كما زخرف خطاطون آخرون الحروف زخرفةً جعلت من النقش جملة خطوط وزخارف وضاع شكل الحرف .{الشكل 36 .. أنظر شكل حرف الحاء في عبد الرحمن.. السطر الثامن }


شكل رقم (33بتاريخ للنصف من شعبان سنة ست ومليـ.........
غيران الحروف بصفة عامة تحلت بالمرونة والاتساق والتكرار في شكل الحرف مع ملاحظة انه في بعض الأحيان يلجأ الخطاط إلى وضع ذات الحرف في النقش بشكل آخر كما هو حرف الراء في كلمتي الغرور وأربعمائة الشكل ( رقم(الملاحق رقم 1.) وبهذا النوع من التصميم صار الحرف العربي في بعض نقوش دهلك شديد الشبه في المظهر العام للنقش بنقوش الجئز وربما تأثر الكاتب بكتابات قديمة بالمنطقة لان لغة الجئز وبحكم الموقع الجغرافي كانت سائدة بالمنطقة انظر { الشكل المظهر العام للنقش بالحروف المسندية الشبيهة بحروف الجئز 37-38}






رقم(34 - 35) (1) نقش من دهلك (2) نقوش مسندية
* الخطاط بوكلب بن عياش المقير..... :-
عثر الباحث على نقش واحد كتبه بوكلب المقبري وقد نشره" جوفاني اومان" ضمن إعادة كتابة النقش في كتابه الثاني صفحة (38) وقد كتب الخطاط اسمه أعلى النقش خارج إطار النقش بحفر بسيط مقرو كما كان يكتب حبيب الله أما أسلوب خطوطه فيشابه أسلوب الخطاط حبيب الله والنقش موجود حالياً بالمتحف الاريتري بالرقم المتسلسل ======
الخطاط عبد الرحمن ابن ابي حرمي
يعتقد الباحث إن هذا الخطاط المكنى بالمكي وابنه محمد ابن عبد الرحمن وابن أخيه محمد بن بركات بن أبي حرمي وما دار في مثل نهجهم في التصميم مثل محمد بن الحاج احمد يمثلون حقبةً واحدة وفي فترة زمنية متقاربة . هناك بعض الشواهد التي لا تحتوي على توقيع الخطاط إلا انها تتماثل مع خطوط وتصميم
الفترة المعنية فهؤلاء الخطاطون برعوا في الخط اللين كالنسخ والثلث وقد لاحظ الباحث فيما عثر عليه من توثيق مثبت التاريخ في بحوث لهذا النمط من الخطوط عدم التطرق إلى جزيرة دهلك
( كتب الدكتور احمد الزيلعي { تعد جزيرة دهلك من أشهر البلدان التي وصلتنا منها نقوش خطية شاهديه تشبه الى حد التطابق بمعاصرتها مع النقوش التي عثر عليها في مكة المكرمة وفي الحجاز عامة . وكان الاعتقاد السائد الى عهد ليس ببعيد إن هذا التشابه ناتج عن التأثر والتأثير بين الحجاز وجزر دهلك بسبب الاتصال الحضاري والقرب الجغرافي . غير أن الباحث لعثوره على نمازج خطية عليها تواريخ متفاوتة نقشها خطاط مكة المشهور { عبد الرحمن بن أبي حرمي ت : 645 هـ} حمله على الاعتقاد بان هذه النقوش كانت تشترى من مكة وتحمل الى دهلك لتنصب على فبور أصحابها .... وله على ذلك بعض الأدلة التي منها :-
1- لم يتبين إن عبد الرحمن بن أبي حرمي سافر إلى دهلك
2- التكوين الجغرافي لجزر دهلك مرجاني والأحجار المنقوشة والمنسوب إليها مقدودة من تكوينات بركانية
3- صعوبة انتقال الخطاط وتردده على جزيرة دهلك لسنين عديدة مقارنة لسهولة نقل الأحجار إليها مع الحجاج
4- اشترك مع عبد الرحمن بن أبي حرمي في الكتابة على شواهد منسوبة إلى دهلك آخرون من أسرته من اثنان من أبنائه هما يحي بن عبد الرحمن بن أبي حرمي واحمد بن عبد الرحمن بن أبي حرمي وابن أخيه بركات ابن ابي حرمي { كما في الأصل }
سيطرح البحث فرضية تقوم على إن مكة المكرمة كانت مصدراً للنقوش التي تصدر منها إلى مختلف أنحاء العالم { }
قارنت بينما هو مثبت بالتاريخ في النقوش المذكورة مع ما هو موجود من النقوش التي ثبت انتمائها لجزيرة( دهلك) سواء من موقع هذه النقوش في الجزيرة المسماة { دهلك كبير } أو من ما هو منشور في مؤلفات سبق الإشارة إليها فوجد احد النقوش يعود إلى { ت438 هجرية } وبذلك يمكن أن تكون النقوش التي تأكد انتمائها لجزيرة دهلك ضمن منظومة الوثائق التي يمكن أن يؤرخ بها لخط النسخ
وبما إنني لم اعثر على نفش مماثل لنقوش عبد الرحمن ابن أبي حرمي أو الخطاطين المذكورين الذين يمارسون ذات أسلوبه" في الكتابة بالنسخ أو الثلث وفي نوع التصميم منسوب إلى مكان آخر غير دهلك قادني ذلك إلى تأكيد أن هؤلاء الخطاطون كانوا مستقرون أو شبه مستقرون في جزيرة دهلك بناء على كثرة النقوش المنسوبة إليهم والتي هي في ارض جزيرة دهلك وذلك إشارة لما أورده الدكتور الزيلعي .......... الذي جعله احد مبدعي مكة وأما عن كنيته { المكي } فان في شواهد قبور دهلك أكثر من متوفى مكنى بهذه الكنية ويبني الباحث على تواجد مصدر للحجارة

التي نقشت عليها الشواهد في منطقة اقرب الى جزيرة دهلك من مكة ثم إلى انتشار الشواهد في جزر الأرخبيل
والأراضي الارترية لذلك ربما كانت النقوش تكتب في دهلك ثم تصدر إلى مختلف الأنحاء
وجد الباحث أن هناك خطاط آخر لا يقل شاناً عن عبد الرحمن بن أبي حرمي وأفراد أسرته وهو الخطاط حبيب الله الذي نقش اسمه على العديد من الشواهد وكانت تدل بعض التمازج على تفرده بنوع معين من تصميم الحرف وقد كان سابقاً لعهد عبد الرحمن 475 – 607 هـ وقد وجد الباحث أيضا خطاطاً يدعى بوكلب بن عباس المقبري أضافة إلى الخطاط محمد بن الحاج احمد .
بالرغم من أن الدكتور احمد الزيلعي في بحثه الذي وجد الباحث فقرة منه في الشبكة العنكبوتية نسب النقوش إلى مكة وكذلك خطاطوها تحديداً الذين كتبوا بخط النسخ وجد الباحث ان الدكتور "الزيلعي" لم ينشر صور هذه الحجارة التي تحدث عنها إضافة الى انه ذكر { حجارة دهلك } مما يشير الى انتماء الحجارة إلى دهلك ثم ان مصدر هذه الحجارة يسمى { أم كله } بالقرب من مصوع على مسافة 14 – 15 كيلومتر تقريباً ثم أن الدكتور ابرز إن النقوش المشار إليها في دهلك ومماثلتها إلى نقوش مكة لم يطرح التمازج التي أخضعها للمقارنة وجد الباحث بحثاً منشوراً لعرفان شهيد عن الحجارة المنقوشة كشواهد للقبور وهي موجودة في جامعة الرياض تبدو الشواهد من نمط ليس مشابه تماماً لنقوش دهلك انظر بعض نمازج خطوط الجزيرة العربية التي أخضعها حسن الباشا للبحث . { مصدر تاريخ الجزيرة العربية – عرفان شهيد – شواهد القبور كمصدر من مصادر تاريخ الجزيرة العربية – نشر جامعة الرياض – صفحة81-128}
أما عن سكنى الخطاطون لم يعثر الباحث على ما يشير إلى مكان سكن احدهم وإنما بدلالة وجود معظم هذه النقوش في دهلك وعدم عثور الباحث على نقوش في دهلك تمت كتابتها في مكان آخر كالجزيرة العربية مثلا أو على سير أو كتابات عن هؤلاء الخطاطون تشير الى انهم كانوا موجودون في غير جزيرة دهلك مع ما كان لدهلك من شأن عظيم في ذلك الوقت ){ }.






شكل رقم (-36 37 ش في المتحف القومي السودان نقش في متحف الفن الإسلامي بالقاهرة

الثلث والنسخ في خطوط دهلك :-
ذكر حسن الباشا (والخط الثلث أشهر أنواع الخط المفور ومن المرجح ان بداية استخدامه في كتابة شواهد القبور كانت في القرن السادس الهجري الثاني عشر الميلادي ثم شاع استخدامه في العصور التالية ....ومن أقدم الشواهد المدونة نصوصها الجنائزية بالخط المقور ثلاثة شواهد في مصر احدها مؤرخ 594 ه 1172 م والثاني مؤرخ سنة 584ه 1188م وتمثل خطوط هذه الشواهد مراحل مبكرة لتطور الخط المقور على شواهد القبور وتوجد هذه الشواهد بمتحف الفن الإسلامي بالقاهرة )


(38)من دهلك في متحف الفن الإسلامي بمصر( جوفاني اومان الكتاب الثالث ص 33)

39) من اعمال الخطاط محمد بن الحاج احمد – بالقاهرة- جيوفاني اومان الكتاب الثالث ص23 بتاريخ 637هـ

و ذكر ادلوف كروهمان{ Adolf Grohmann } { من المفيد جداُ أن يتفهم المرء إن خط النسخ بحروفه الرشيقة ، المدورة ، السهلة القراءة ، قد ترسخ موقعه بوقت مبكر نسبياً ، حيث ظهر على قطع النقود المعدنية في أواخر القرن الثالث الهجري في الشرق {292هـ - 904 – 905 م } وذلك مقارنة مع الخط الكوفي ، الكهنوتي ، الجامد صعب القراءة ولقد بدأ خط النسخ يحل محل الكوفي المنقوش على ألواح الحجر في بلاد ما بين النهرين وسوريا ومصر خلال القرن الخامس الهجري – الحادي عشر الميلادي { } وقد بنى ادولف كروهمان أسانيد من بعض المسكوكات والنقوش والمنسوجات التي أشار اليها وهي كما يلي :-
1. نقوش معدنية أواخر القرن الثالث الهجري 292هـ 904 – 905 م
2. درهم في خرسان 293 هـ - 906
3. درهم اليانجوري احمد بن احمد 299 – 911 – 912م
4. في سوريا نقوش النسخ على الحجر على منارة الجامع الكبير بحلب 483هـ - 1090م
5. في مصر 490هـ - 109م دينار الخليفة الفاطمي المستعلي بالله
6. زخارف على الأقمشة بخط النسخ موجودة في متحف الفن الإسلامي بالقاهرة 489 هـ - 1096 -1097م
7. خط النسخ المائل إلى جانب نقشين من الخط الكوفي على لوح مرمري يعود الى عام 492هـ - 1099م
8. في شمال أفريقيا جامع في تلمسان بالجزائر 530هـ - 1035م
9. نسخ مزهر في نقوش في ارخبيل الملايو للأميرة ديفي ايفاري لعام 495هـ - 1102م
10. في آسيا الوسطى { اوز قند} 547هـ- 252م
11. في إيران في مرقد بوزان 525 هـ 1134م
12. توجد نمازج رائعة لخط النسخ أيضا ظهرت فيما بعد منها نقوش تركية نادرة على بلاط السيراميك لتربة مقبرة شاه زادا في استانبول تعود إلى النصف الأول من القرن السادس عشر الميلادي { }


جزيرة دهلك مجد تحفظه حجارة
(الموقع الجغرافي والسكان والتاريخ):-







شكل رقم (1) موقع جزيرة دهلك الجغرافي في دولة ارتريا

دهلك أرخبيل ارتري يضم أكثر من مائة جزيرة أهمها (دهلك كبير) (نخرة) (حارات كبير) (دفنين) (حرمل) وتقع جزيرة دهلك قبالة مصوع علي بعد ستين ميلا منها شرقا عند تقاطع خطي الطول (10) و(45) شرقا مع خطي العرض (45) و(15) شمالا تضاريسها سهلية مع تلال منخفضة , طقسها حار جاف صيفيا معتدل قليل الأمطار شتاءا
مساحتها {751 كيلومتراُ مربعاً } {250 ميلاً مربعاً } طولها { 51 كيلو مترا } ، (32 ميلاً ) وعرضها { 29 كيلو متراً } ، { 18 ميلا)



















شكل رقم (2)جزيرة دهلك وموقع النقوش
) واشتهرت الجزيرة بعد إن سيطر سلاطينها علي أجزاء من البر الاريتري, وبخاصة مصوع (باضع سابقا) وجزيرة الريح , كمركز لتجارة اللآلئ والتروس المصنوعة من جلود السلاحف والأسماك المجففة والعبيد وريش النعام . ويصفها اليعقوبي في القرن التاسع الميلادي بأنها احدي المراكز الرئيسية التي كان العرب يتعاطون فيها التجارة مع الحبشة )*ص9
(وقد نشأ في نفوس السلاطين وأصحاب الجاه والثراء , بحكم توافد العلماء والشعراء العرب إليها ,اهتمام بالنقوش الكتابية والخط الكوفي يزينون فيها الأضرحة ومنابر المساجد ومداخل القصور )*.ص9
(وتذكر الوثائق البرتقالية ,كما جاء في كتاب رسالة البواكيرك /4-12-1513/, إن سلطان دهلك أكرم وفادتهم في بداية الأمر كضيوف :... (في اليوم التالي عادوا ألينا مع الهدايا من الحليب واللحم والعسل وابلغونا رغبة الملك في التحدث إلي" الكابيتانو" فيما سلموا السفير رسالة إليه يعرب فيها الملك عن سروره بمجيئه .. وبعد ثلاثة أيام وصل الملك وكان يحرسه /500/جندي مسلحين بالنبال والأقواس والتروس وبعض السيوف الشبيهة بسيوفنا ..وأولو الشأن منهم كانوا يمتطون الجمال والخيول العربية السريعة وكان معهم عازفون علي آلات موسيقية يعزفون عليها حسب الأعراف المحلية .وكان الملك يرتدي وفقا للطريقة العربية , سترة حريرية
مطرزة بالذهب : شاب في الخامسة والعشرين ,اسمر غامق اللون ,اسود الشعر , شأن سائر مسلمي بلاد العرب السعيدة .... )* ص12
وعن هذه الحملة يقول ( داميا دي غوريش) في كتابه "تاريخ الملك دوم عمانويل ": (إن ثمة مدينة واحدة نبيلة المظهر تحت اسم الجزيرة نفسه ,وبعض الضيع لها مظهر القرى ....وكان السكان قد حملوا معهم كل شيئ تخوفها من هذه الحملة , فلم نجد سوي بعض القطعان التي كانوا قد ذبحوها , بما فيها الجمال ....وبعد أن حكم ديغو لويس بأنه ليس هناك شئ يفعله في هذه النواحي أمر ,تدليلا علي ما كان سيفعله بالسكان فيما لو وجدهم , بهدم بعض البيوت التي تستحق الذكر , المبنية بالحجر والكلس , وبعد ذلك أمر بحرق المدينة )* ص 13

(ويذكر البرتغاليون أن السلطان احمد بن إسماعيل تصالح معهم وخضع لنفوذهم حتى وفاته في عام /1540/)* ص13.. غير إن عرب فقيه الجيزاني في كتابه ( فتوح الحبشة يشير إلي إن السلطان احمد قد تولي حكما علي دهلك وحرقيقو من قبل الإمام احمد بن السلطان احمد بن إبراهيم ,فاتح الحبشة الذي قتل بأيدي البرتقاليين عام /1543/ بعد إن نجدوا ملك الحبشة ضد الغزو الإسلامي الذي دام نحو عشرين عاما ){ }.
( جزيرة دهلك ، التي تشكل جزاً من أرخبيل يحمل هذا الاسم شرقي مصوع ، هي احد الأمكنة الأكثر قحطا والأكثر امتناعا في البحر الاحمر حيث توفر المياه العذبة خزانات حفرها الفرس في الصخر، بحسب تقاليدهم، تملؤها أمطار كانون الاول ديسمبر، وكانون الثاني (يناير) وشباط ( فبراير ) ولا ينبت في الجزيرة سوي بضع شجيرات من الطلح ( الاكاسيا) ومجموعة حيواناتها قليلة الوفرة ، وسكانها البائسون لا يتعيشون إلا من صيد سمكهم . ومن بعض قطعان الجمال والماعز)
(وقد بسطت جزيرة دهلك في البلاد رخاء تشهد عليه أنصاب تذكارية متنوعة ولا سيما النقوش الكتابية المحفورة حفرا عميقا في الحجر والقسم الأكبر من هذه الأخيرة موجود بحسب اقوال (سالت) المؤرخ البريطاني الذي عاينها باهتمام حول جامع مرفأ جزيرة دهلك كبير المدينة الرئيسية في الأرخبيل والباقي في جامعين متهدمين ، نوه عنهما الرحالة ....... إن تنقيبا منهجيا من شانه أن يقدم معلومات ثمينة ومفيدة ).

تاريخ جزيرة دهلك :-
(ويمكن القول إن دهلك تعد مهد الحضارة لمنطقة شمالي شرقي أفريقيا. فقد كانت بحكم موقعها الجغرافي القريب من البرين الأفريقي والعربي علي مقربه من طريق الملاحة الدولي في البحر الأحمر ، ملتقي الحضارات ومركزا للتجارة قصدها المصريون في عهد حتشبسوت في طريقهم إلي بلاد "البنت " كما قصدها اليونانيون في عهد البطالسة في مصر وذكرها مؤرخ كشاف البحر الارتري (بربلوس ارتريوس ) في القرن الأول الميلادي باسم (اليوس ) ، وأشار إليها المؤرخ اليوناني (ارتميدس ) باسم (إليا)
( وقد تشكل سكانها في الغالب الأعم من الهجرات اليمنية ... إذ لا تبعد عن الساحل اليمني سوي نحو خمسين كيلو متراً.... واستقرت بها موجات المهاجرين الحميريين في عهد سبأ منذ أكثر من ألفين وخمسمائة عام كما يؤكد ذلك المؤرخ الايطالي " كونت روسيني " . . عندما بسط الفرس في عهد " خسرو" سلطانهم علي اليمن في القرن السادس الميلادي اثر طردهم الاحباش في سياق صراعهم مع الامبراطورية الرومانية ، مدوا سيطرتهم علي دهلك ... بعد ظهور الإسلام ارتبطت دهلك وتوابعها بالإمبراطورية العربية وقد اتخذها العرب في بداية الأمر منفى للمغضوب عليهم منذ عهد الخليفة عمر بن الخطاب ثم جرى احتلالها في عام 84هـ من قبل الدولة الأموية ... واتخذوا منها مقرا لحماية طرق التجارة في البحر الأحمر)

دهلك منفي وسجن
( نجد أن الجزيرة قد أتي علي ذكرها للمرة الأولي كمركز للنفي في عهد الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك عندما نفى إليها الشاعر الاحوص ..... وقد ورد انه نفاه إلي ارض الشوك أو دهلك) ( وجد الباحث منطقة تسمي برأس الشوك من دهلك ذات حجارة مسننة كلاشواك في الجزء المقابل للجزيرة العربية من دهلك (
(وقد نفي إليها يزيد بن عبد الملك عام 721هـ احد فقها المدينة اسمه عراق بن مالك ) .
(كما نفى إليها الخليفة المنصور ( 136 – 158هـ ) أبناء عبد الجبار والي خراسان بعد أن مثل بالأب وأعدمه )
( نفي إلي دهلك الشاعر عمرو بن أبي ربيعة المخزومي القرشي الذي "ولد عام 13هـ وتوفي ) " بأمر من الخليفة عمر بن عبد العزيز 93 هـ عام



دهلك في الأدب والشعر
ذكرت جزيرة دهلك في أقوال الشعراء فقال عنها أبو المقدام { }
لو أصبحت خلف الثريا لزرتها *** بنفسي ولو كانت بدهلك دورها
وقال عنها أبو الفتح نصر الله بن عبد الله السكندري
وأقبح بدهلك من بلدة فكل امرؤ حلها هالك
كفاك دليلا علي إنها جحيم وخازنها مالك { }
وكان يتقلد الملك في دهلك مالك بن شداد { }
ذكرها كثير عزة في قصيدته التي مطلعها:
شجا قلبه إظهان سعدي ألسؤالك .....................ليقول :
كأن عدوليا زهاء حمولها غدت ترتمي الدهناء بها والدهالك {
(ذكر بن خلدون في كتاب (العبر) الجزء الرابع صفحة 216 .لا يذكر سعيدا وجياشا اللذين التجاء
إلى دهلك حيث درسا القران بعد أن تم طردهم من زبيد )
معنى دهلك
(ولفظ دهلك التي هي علي الأرجح ذات منشأ بلدي , فلم يعط لها أي تفسير مقنع حتى ألان )
( ياقوت الحموي يقول بعد تهجيتها "بفتح أوله وسكون ثانيه ولام مفتوحة وآخره كاف" أنها لفظة أعجمية معربة وإنها تلفظ أيضا "دهيك" )
( ويقدم { بروس} تفسيرا وهو ملاحظة إن أسماء معظم الجزر بالأرخبيل يبدأ (بدهل) أو "دل" فان هاتين اللفظين يعنيان جزيرة في لغة البجة)
( الدكتور خوان دي كاسترو يدعي في روايته عن رحلة استبغام { 51 عاماً } ان هذه اللفظة صادرة عن العربية وتعني { ده لاخ } فخلط هذا اللفظ بين الفارسية والعربية }
شأن الاشتقاق الذي تبناه أهل البلاد الذين ولدوا لفظها { دهلك } من لفظتين عربيتين { دار الهلاك )
دهلك والنزاعات السياسية
(تعرضت دهلك وتوابعها بسبب موقعها الاستراتيجي في البحر الأحمر , لاعتداءات من جيرانها الأقوياء كما تعرضت للاحتلال أو محاولة الاحتلال من القوى العظمى .(الفرانكيون "قبائل المانية بقيادة رينود دي تشاتليون .. الصينيون عام 1432 بقيادة اونوتش سانباوا الأكبر والبرتقالي في بداية القرن السادس عشر ثم الأتراك العثمانيون عام 1556)
( عنيت الدولة الإسلامية بتتبع الفارين منها والمناوئين لها إلي حيث استقروا خشية ان يبذلوا العون لمن بقي من إخوانهم ,فاستولت علي مجموعة جزر دهلك المواجهة لميناء مصوع والتي كانت مركزا لتجارة مزدهرة ........ وذلك في عهد عبد الملك بن مروان في عام 83هـ 702م...} ويعد استيلاء الجيش الإسلامي عليها أول فتح رسمي لبعض المناطق الإستراتيجية في الشرق الأفريقي وصارت رأس الجسر الذي عبر عليه الإسلام وثقافته إلي شرقي أفريقيا وظلت سيادة المسلمين على هذا الموقع الاستراتيجي طوال العصر الأموي وشطراً من العصر العباسي حتى عهد الخليفة المأمون , فقد تعرضت هذه الجزر لغارات من الهند في النصف الأول من القرن الثاني الهجري وذلك بسبب نفي بني عبد الجبار حاكم خرسان من قبل المنصور إلى دهلك سنة 141هـ .... كما وجدت نقوش عربية في تلك الجزر تعود إلى القرن الثالث الهجري){
( وخضعت لأمراء ذبيد باليمين منذ القرن التاسع إلي القرن الثاني عشر الميلادي .وقد استقل السلطان ناصر الدين بدهلك واخضع ذبيد نفسها لحكمه حتى عام 1061 م ... تعرضت دهلك إلي تدمير وحشي من قبل الأسطول البرتقالي الذي وصل إليها عام 1513 م..... في القرنين الحادي عشر والثاني عشر سادت دهلك وأصبحت المركز الرئيسي للتجارة في البحر الأحمر ..لكن ازدهرت مع ذلك تجارة الرقيق ... اكتفت جزيرة دهلك اقتصاديا ومرت عبر تجارب ذات أهمية مميزة خصوصا ما بين 1093 و1250 تحت حكم سلسة من السلاطين التي أسسها المبارك)

شكل رقم (3) جدول يوضح تسلسل السلاطين الذين تعاقبوا على جزيرة دهلك
ترجمة الجدول شكل رقم (3):-
1- المبارك 460 هجرية 1093 ميلادية
2- أبو السداد الموفق 542 هجرية 1148 ميلادية
3- يحيى 563 هجرية 1167 ميلادية
4- أبو السداد الموفق (الثاني ) 563 هجرية 1168 ميلادية
5- مالك 567 هجرية 1172 ميلادية
6- يحيى الثاني 615 هجرية 1218 ميلادية
7- أبو عبد الله 627 هجرية 1230 ميلادية
8- أبو السداد الثالث 647 هجرية 1249 ميلادية
- زكية 589 هجرية 1193 ميلادية
- زينة الملك 577 هجرية 1181 ميلادية
ست الملك 566 هجرية 1171 ميلادية

الرحلة إلى دهلك :-
بدأ الباحث الرحلة في 11/12/2005م مع الفصل الماطر في شرق وغرب البحر الأحمر حيث كانت درجات الحرارة في الجزيرة معتدلة مما أتاح التحرك في إرجائها دون عناء حيث تبلغ درجات الحرارة في فصل الصيف أكثر من 45 درجة مع معدلات الرطوبة العالية جداً إضافة إلى ارض الجزيرة الصخرية التي تعكس أشعة الشمس. استغرقت الرحلة ساعة من الزمن بمركب سريع وكانت الأمواج والرياح الشمالية الشرقية عالية ومواجهةً مما دفع قائد المركب للاتجاه إلى الناحية الشمالية من الجزيرة في احد قرى دهلك تسمى { جمهلي } ومرساها المسمى كوشة .
تقع مناطق الآثار التي تحتوي معظم النقوش المقصودة في جنوب الجزيرة وتبعد بالسيارة ساعتين تقريباً حيث يعبر الطريق معظم قرى الجزيرة في رحلتها من الشمال إلى الجنوب .
لفت انتباه الباحث وجود مقابر كثيرة في كل قرية مقارنة بإعداد السكان الأحياء وأسلوب الدفن على الطريقة الإسلامية ويمكن تقدير تعداد السكان في كل الجزيرة بين ألفين وثلاثة آلاف هناك مقابر في منطقة تسمى أدال أو رأس الشوك التي تبعد حوالي الساعة ناحية الشرق من دهلك كبير حيث المقابر ذات الشواهد المعنية .
المباني في الجزيرة من نوعين مباني من الحجر الجيري البحري – { الكورال } في المباني الثابتة ويستخرج من الجزيرة وبدلاً عن الاسمنت يتم حرق نوع معين من الحجر المستخرج من احد أودية الجزيرة من ثم يطحن ويعجن بالماء ويترك ليتخمر ويستعمل كذلك في بناء سقوف الآبار المنحوتة في الصخر في جميع أنحاء جزيرة دهلك وفي بناء المساجد أما النوع الثاني من المباني فهو اما من القش أو من الخشب { صندقة } أو من الشعر كما ذكر المواطنون.
يتحدث أهل دهلك لغة خليط من العربية واللغات المحلية - والتقري والتقرينجة والعفرية والساهو وتسمى لغتهم " لغة الدهاليك " ويطلقون كلمة الأولين على أصحاب المقابر .
دهلك كبير حيث المقابر ذات الشواهد المنقوشة تقع في الجزء الجنوبي من الجزيرة من الناحية المقابلة للأراضي الاريترية ويفصلها عن البر أميال قليلة عن شبه جزيرة " بوري أو انقل" حيث يقول الأهالي ان الصحابة رضوان الله عليهم نزلوا بها بعد مرورهم بدهلك كبير. يذكر الأهالي كذلك انه كانت لدهلك أشجار شوكيه كثيرة وكان الماء أوفر من الآن وكانت بالشواطئ غابات من أشجار تسمى( الشورة) التي ترتوي من ماء البحر وكانت كثيفة جدا وقد ذكروا ان تلك الأشجار أزالها البرتغاليون لمحاربة تجارة الرقيق التي كانت دهلك احد محطاتها الهامة .
الحياة البرية تتمثل في الغزلان التي ليست بالكثرة الملاحظة و بها عدد من الأغنام والجمال والقطط . أما الكلاب والذئاب والضباع فليس لها وجود في الجزيرة فقد ذكر الأهالي إن هنالك أمراض تصيبها تؤدي الى تساقط شعرها وتموت .
الآثار المتوفرة بشكل أنقاض كانت قصوراً أو مباني في دهلك كبير تقع في مساحة صغيرة وهنالك تلال ثلاث توحي بأنها كانت قصوراً أكبرها قصر السلطان الذي بني على دعائم من أعمدة المرمر المزخرفة على الطراز الروماني (الشكل رقم 4) وبعض الحجارة المربعة السوداء التي تغير لونها ربما بفعل الحريق الذي أشعله البرتغاليون عندما دمروا دهلك سنة 1527.




شكل (4) عمود من المرمر منحوت على
النمط الروماني في حطام احد القصور السلطانية



يوجد في جزيرة دهلك" حسب رواية الأهالي" ثلاثمائة وستين صهريجا ارضيا يسع أكبرها بين
( 50 إلى 60 مترا مكعبا) من الماء وأصغرها بين( 25 – 40 مترا مكعبا) وتم حفرها على الحجر الجيري بأسلوب متقن بالزوايا واستقامة الجدران (الشكل رقم 6)






( شكل رقم 5) احد الخزانات الأرضية
محفور على السطح ومسقوف الحجارة
شاهدت الباحث عددا ليس قليل من هده الخزانات خلال تحركه على الجزيرة لا يصل إلى الرقم الذي ذكره الأهالي الذين التقى بهم وهو 360 خزانا









خزان ارضي محفور على السطح غير مكتمل

(وبعض الخزانات محفور من سطح الأرض بشكل مستطيل وبني سقفه من حجارة الكورال الجيرية بالاسمنت الطبيعي المذكور(الشكل رقم5)
وكانت دهلك تمد المراكب والمواطنين بالماء طوال العام بحيث يستهلكون كل يوم خزانا واحداً هناك بعض الخزانات تعرض للتخريب والانهيار وبعضها دفن تماماً وذكر الأهالي أنهم يستعملون بعض هذه الخزانات حتى الآن و إنها كانت مستعملة كلها حتى الخمسين سنة الفائتة وقد قادت قوات البحرية الاريترية حملة لصيانتها في التسعينات من القرن الماضي


شكل رقم (7) خزان تحت الأرض يسع ( 50-60) مترا مكعبا مع قنوات تقود الماء إلى الفتحة بالسقف
بعض الخزانات تم فيها الحفر حول أعمدة في وسطها (شكل 8) لحماية سطحها من السقوط إذ أن الخزانات بكاملها تحت الأرض مع صنع فتحه صغيرة في السقف لدخول الماء(شكل 7) و يبلغ سمك قشرة الأرض في سقف الخزان بين ( 70- 100سم )









(الشكل رقم.(8) خزان تحت الأرض مع أعمدة تحمل السقف منحوتة مع جسم الخزان

نقوش دهلك في المنشورات والتوثيق
(كان الأستاذ ماكس فان برشم من أوائل من لفت الانتباه إلى أهمية الكتابات الأثرية العربية بما في ذلك النصوص الجنائزية وشواهد القبور ... والتي حظيت بدراسات مستقلة كان من أهمها نشر بعض مجموعات الشواهد بمتحف الفن الإسلامي بالقاهرة... ومن الواضح أن لشواهد القبور دورا مباشرا في دراسات تاريخية معينة قبل دراسة تطور الخط العربي الزخرفة الإسلامية لاسيما أن كثيراً من الشواهد مؤرخ وبعضها يشتمل على أسماء كتابها ... وقد تمدنا بمعلومات ربما ضئيلة في حد ذاتها غير أنها تصبح ذات قيمة كبيرة عند مقارنتها بالمعلومات المستمدة من المصادر الأخرى إذ قد تضيف حقائق جديدة أو تصحح أخطاء شائعة أو ترجح بعض الآراء على غيرها وقد تزودنا بأسماء مشاهير.... وفضلاً عن ذلك تقدم لنا الكتابات الجنائزية ثروة ضخمة من أسماء عامة الناس الذين يندر ذكرهم في المؤلفات الأدبية وقد تلقي هذه الأسماء بعض الأضواء على التنقلات والهجرات وبعض النواحي اللغوية وقد تكون الأسماء مصحوبة بالوظائف أو الحرف أو المذاهب مما قد يساعد في دراسات تاريخية متنوعة سواء في مجال الاجتماع أو الدين أو النظم . ربما كان في الإمكان أيضا تحقيق بعض الروابط الأسرية بين أصحاب الشواهد ... وبالإضافة الى ذلك فقد تفيد الشواهد في دراسة المراسيم وذلك بما تشتمل من ألقاب أو أدعية أو ما يستنبط من ذلك ومن بعض المعلومات مثل نظم الحكم والسياسة والمعتقدات والآداب )


بعض ما كتب عن نقوش دهلك
هناك بعض المؤلفات التي وجد الباحث أنها تطرقت إلي النقوش في جزيرة دهلك أهمها ثلاث أجزاء صورها وترجمها إلي الايطالية( G.oman) صدر اثنان منها في نابولي عام 1976م { } وصدر الثالث في نابولي أيضا في 1987م.... بالإضافة إلي ما كتب عن بعض النقوش في الجريدة الأسيوية عن( رينية باسية) أستاذ في المعهد العالي للآداب بالجزائر باريس 1893 بعنوان "النقوش الكتابية في جزيرة دهلك" الذي ترجمته ونشرته البعثة الخارجية لجبهة التحرير الارترية عام 1977
هناك بعض الإشارات لجزيرة دهلك في بعض المواقع بالشبكة العنكبوتية في { Google search } تحت اسم { دهلك } وقد وجد الباحث عدد ليس قليل من المواضيع التي تطرقت الي دهلك في كتابات برتقالية غير مترجمة موجودة حاليا في مكتبة تابعة للبعثة الكاثوليكية في مدينة اسمرا في اريتريا .
تطرق جوفاني اومان الى عدد من النقوش بالترجمة إلي الايطالية في مؤلفاته التي ذكر من خلالها في الأجزاء الثلاثة أن هناك عدد من شواهد القبور أخذت من دهلك إلي مناطق مختلفة من العالم بما فيها ما هو موجود الآن في المتحف القومي السوداني وهذه النقوش حسب الجداول (رقم ----)

( إن هذه النقوش .... قد أصبحت مصدراً نفيساً للأدلة التاريخية حيث تشير إلى أصول الموتى بعضهم من دهلك وبعضهم الآخر من الجزيرة العربية ، اليمن الحبشة ، مصر ، سوريا بغداد وإيران ، سمر قند ، جورجيا ، بيزنطة ، تونس المغرب ، وفالنسيا في اسبانيا . تمدنا بالمعلومات عن منزلة أو مهنة بعض الأفراد مثل البنائين والخياطين أو صانعوا الأدوات النحاسية أو التجار أو أصحاب السفن أو وكلاء أو محاموا تجار وتحمل بعض الشواهد أسماء مهيبة كانت تمنح للسلاطين مثل "حامي التقدم الإسلامي " و" زينة الدين " و" مقوي العدالة في العالم "و" السلطان العظيم " )
(تم حفظ حوالي 260 من شواهد القبور الحجرية والمصنوعة من البازلت أقدمها يعود للقرن العاشر والأحدث يعود للقرن السادس عشر الميلادي)

(شكل رقم 9) جدول يوضح أماكن نقوش دهلك في العالم
ترجمة الجدول كالآتي
1/في متاحف أسيا :-
* الهند 1- متحف أمير ويلز غربي الهند بومباي (3 )
2- متحف المجتمع الأسيوي البنغالي – كاليكوتا (1)
* - في أفريقيا :-
1 – مصر –متحف الفن الإسلامي بالقاهرة .... (9 )
2- السودان- المتحف القومي السوداني (5)
3- ارتريا –المتحف الوطني الارتري (63)
* في أوروبا :-
1 - انكلترا –المتحف البريطاني –لندن (3 )
2- اليونان – متحف بيناكي اثينا (1)
3- فرنسا - متحف "بار-له- دوق" (1 )
4- ايطاليا – متحف مودينا موثق (61 )
و في متحف بايلو دي تريفسو (1)













كيف برزت نقوش دهلك إلى العالم :-
تعرض" رينيه باسيه" في- مرجع سبق ذكره- بالتحليل لشاهد قبر يخص ( السلطان احمد بن إسماعيل الذي تسبب في لفت الانتباه إلى كنوز هذه الجزيرة المنقوشة في شواهد القبور ...... فان نقشاً كتابياً ضريحي في متحف { بار – له – دوق }... تثبت أن للحجارة مصائر كالكتب ، فالسلطان احمد بن إسماعيل الذي توفى في القرن السادس عشر وجد شاهد قبره مكاناً في متحف عقب الظروف التالية :-
(إن جوالاً انتدبته مؤسسة تجارية لدرس أسواق الجزيرة العربية وأفريقيا نقل بين تحف أخرى ثلاثة نقوش عثر عليها في دهلك ... مات الجوال عند عودته إلى باريس فأهمل الحجر واستخدم لتسنيد العربات ، إلى أن لمحه عالم آثار لامع هو { ماكس اورلي } المعروف بأبحاثه في تاريخ المنطقة الشمالية – الشرقية وآثارها فحصل بدون صعوبة على هذا الحجر وأهداه إلى المتحف المذكور سنة 1876م جرى اطلاع السيد { سوفير } المترجم الملحق في قنصلية القاهرة وقتئذ على هذا النقش الكتابي فقام بترجمته ولسوء الحظ كانت الترجمة شبه ضائعة ، اذ نشرت بدون النقش
وبدون صور طبق الأصل في حاشية محاضر { أبحاث جمعية الآداب والعلوم والفنون في{ بار – له – دوق " الشكل رقم (10) نقش السلطان احمد بن السلطان إسماعيل { }

شكل رقم (10) نقش السلطان احمد بن إسماعيل في متحف "بار-له-دوق" في فرنسا

عدد النقوش التي نحيط بها علماً حتى الآن : نقشان كتابيان جلبا إلى انجلترا ونشرا بصورة سيئة على كل حال ، في أطلس رحلة فالنسيا النقش الأول استنسخه بصورة أدق { هوتن } الذي جعل منه مادة
لبحث قصيرة وأعطى { روبيل } ترجمة تقريبية لنقش كتابي ترك نصه جانباً .......وأخيرا يبرز النقش ألضريحي الذي ندين بحفظه لـ { ماكس اورلي } ، وهو من حيث المعطيات التاريخية التي ينطوي عليها أهم النقوش جميعا ً ... ان حاشية محاضر أبحاث جمعية الآداب في { بار - له - دوق } تنطوي أيضا على ترجمات للسيد { سوفينير } نقلاً عن صورة نقوش طباعيه لكتابات لم يشر إلى مصدرها وربما جاءت من دهلك { }






















الفصل الثاني
المبحث الأول
النقوش العربية القديمة على شواهد القبور في جزيرة دهلك
نقشت الكتابات العربية القديمة على شواهد القبور في قرية” دهلك كبير ” التي تبعد حوالي 250 متراً عن ساحل البحر أو المرفأ وتميزت
قبور جزيرة دهلك
يميز قبور دهلك وجود حجارة مسطحة وتوضع على جنبات القبر وفوقه وهي جيرية قوية يبلغ سمكها بين 10 إلى 15 سم و أبعادها في بعض الأحيان تصل إلى 250 ؛ 100 سم تجلب من جزيرة يطلق عليها { دسي } قرب دهلك وتوجد طبيعية أي لا تشذب وذات مصقولة بجانب واحد ( الشكل 11)














الشكل (11) الحجارة التي تجلب من جزيرة دسي وتوضع على جنبات القبر

أما الحجارة التي عليها النقوش فهي سوداء اللون أو حمراء مائلة للسواد صلبة وتكون لامعة أحيانا ويتم جلبها من منطقة تسمى { أم كلو } وهي مصدر هذه الحجارة البازلتية وتقع غرب مدينة مصوع في البر الاريتري - علم الباحث إن الغرض من جلب هذه الحجارة إلى دهلك لم يكن في بادئ الأمر لكتابة شواهد القبور وإنما كانت تجلب لاستعمالها في طحن الحبوب قبل اكتشاف الأساليب المتطورة والمطاحن الحالية .
كانت دهلك كبير موقعاً تجارياً هاماً تغشاها سفن تجارية من كل البلدان …وقد كان نظام المراكب الشراعية في الترتيب الداخلي للعمالة يحتوي كل مركب على شخص طحان وغالباً ما يكون في ماضيه قائد المركب { ناخودة } وعندما يشيخ يتدنى مرتبة إلى


شكل رقم (12) شاهد قبر" لناخودة " بتاريخ السدس والعشرون من جمادي الآخر سنة ثمان عشر وستماية

طحان المركب ذاته وهو الذي يستعمل هذه الحجارة المعروفة في السودان (بالمرحاكة) وغالباً ما كان يتم تغيير حجر الطحين هذا في جزيرة دهلك كموقع تجاري هام و بحكم قربها من مصدر الحجارة وإمكانية تغييرها فاستعملت في كتابة شواهد القبور .
لاحظ الباحث إن عدد النقوش التي تمت على حجارة كانت مطاحنا قليلة نسبياً عن الحجارة التي صممت نقشاً وهي حديثة من ذلك تطورت الفكرة فشملت أحجار الطحين الجديدة بعد تجهيزها وصقلها وقد وجد الباحث أعدادا هائلة من هذه الحجارة الجديدة منها ما هو ليس منقوشا .
وحجارة المطاحن مميزة في أشكالها وذلك بالخطوط الكنتورية الطولية والعرضية والانسيابية وفي تجويف بطن الحجر أو تقوس وسطه وأنها دائماً ملساء وسوداء (شكل13) أما الحجارة الجديدة المعالجة فهي مسطحة تماماً(شكل14)
يتم طحن الغلال علي الحجارة - ويكون سطحها خشنا - بوضع الحبوب عليها وحكها بحجر صغير فإذا صار سطح الحجر ناعما نتيجة للاستعمال تتم معالجته بوضعه تحت الشمس ثم نقره بحجر أخر أو بشيء حاد حتى يصير خشناً مرة أخرى ليطحن الحبوب وهي الطريقة التي تمت بها معالجة الحجارة التي عليها النقوش في الجزيرة فكان الحجر يدهن بدهن سمك القرش { أبو منشار } ويحك جيداً بالحجر الصغير حتى يصير ناعماً واسوداً ثم يطرق بمسمار من مسامير المراكب المصنع يدوياً بعد أن يتم تخطيط الكتابة على الحجر أو رسم الخط عليه ويبدو أن حجارة الطحين المستعملة يحضرها الطحانون من المركب أما لتغيرها أو بتركها على الساحل










شكل رقم (13) نقش على حجر كان مطحنا شكل رقم (14) نقش على حجر جديد

….كما توجد بعض الحجارة من المرمر وهي خاصة بنقوش السلاطين والأثرياء (شكل15) .. وكانت الشواهد توضع على جانب القبر من الناحية الشرقية وبعض القبور تحتوي على شاهدين وهناك قبر لشخصين(شكل16)


شاهد قبر سلطاني من المرمر (15) شاهد قبر لشخصين في قبر واحد (16)
بعض النقوش كانت تدفن على الأرض وأحيانا توضع على حائط مبني الإشكال 17-18 }











نقش على حائط (17) نقش على الأرض (18)


(19-20) شاهدي قبر باسم يحي بن عثمان بن عبد الله.توفي فيي شعبان من سنة تسع وتسعين ومائتين
.
1- ( هذا قبر يحي بن عثمان بن عبد الله ونور له قبره واجعله من رفقاء محمد صلى الله عليه وسلم وكانت وفاته رحمه الله عليه في شعبان من سنة تسعة وتسعين ومائتين هجرية.)
2-(بسم الله الرحمن الرحيم شهد الله انه اله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائماً بالقسط إلا اله إلا هو العزيز الحكيم الله رب العرش العظيم صلي على محمد عبدك ورسولك صلى الله عليه وسلم وارحم يحي بن عثمان بن عبد الله ونور عليه قبره واجعله من رفقا محمد صلى اله عليه وسلم توفي رحمة الله عليه في شعبان من سنة تسع وتسعين ومائتين)
(وجد هذا النوع من النقوش على شواهد من القبور في المملكة العربية السعودية خاصة في بني سليم ، الفاو ، مكة ، ويوجد حوالي 24 شاهداً بالمتحف بكلية الآداب جامعة الرياض) (الشكلين ادناه)










نقوش دهلك الخامات والأسلوب
بدأت النقوش علي حجارة غير مشذبة وكان الاعتناء بسطح الحجر للنقش بحكه بحجر آخر لصقل السطح وكانت الحجارة من النوع المتوفر بالجزيرة أي غير مختار أو مجلوب من مكان آخر وكان يكتب عليه بالحفر البسيط غير العميق بمسمار الجلاب أو نوع من الحجر الذي يحتوي على كميات من الحديد في منطقة جبل قدم الذي يقع على مسافة ليست بعيدة من دهلك في الأراضي الاريترية , التصميم أو الكتابة وتوزيعها بالمساحة المعدة للنقش فقد كان متوازناً سواء في نوع و شكل الحرف وتوزيع المساحة و الكتابة والزخارف ومراعاة الجزء الذي يغرس في الأرض لتميز القبر , كانت النقوش الأولى تحتوي على كلمات قليلة وبسيطة التصميم اما الشواهد اللاحقة فقد كانت الكتابة تملا كل الحجر الشاهد أحيانا ويتم غرسها في الأرض مما أضاع بعض معالمها
بصفة عامة كانت شواهد القبور وكتاباتها نوع من التميز لأسر بعينها أو لرموز في المجتمع أو حكاماً أو سلاطيناً فالسلاطين وأسرهم خاصة كانت تكتب لهم شواهد مزخرفة مميزة وجيدة الصقل أو من حجارة المرمر المتوفرة في ارض اريتريا بالقرب من الساحل قبالة دهلك . وكلماتها كثيرة وتحتوي على سجع وألفاظ مهيبة وكذلك الشأن في النقوش المعدة لأسرهم , النساء وبنات السلاطين ثم العباد والشيوخ الدينين وحفظة القران الطبقة المميزة في المجتمع والشباب والنواخيد {* }
وكانت تطلق صفات كثيرة على صاحب القبر أحيانا تذكر مهنته مثل الخياط والناخودة أو يذكر لقبه وكنيته مثل المكي والمدني والمري والأندلسي و لم يعثر الباحث على شاهد به تاريخ ولادة الميت أو عمره عند وفاته.

أسلوب كتابة التأريخ على النقوش
كانت التواريخ تكتب على بعض الشواهد وكذلك مهنة المتوفى وكانت تؤرخ بالهجري وتكتب على صور مختلفة حسب اليوم المراد التاريخ به مثلا ً :-
1- توفي لثماني بقين من ربيع الأول...
2- توفي سلخ شعبان....
3- توفي في شوال سنة كذا......
4- توفي السبت النصف من ربيع......
5- توفي لأحد عشر ليلة خلت من ربيع.......
6- توفي نهار الجمعة الحادي عشر من ذو القعدة الحرام
7- توفي السبت مستهل ربيع الآخر.......
8- توفي ليلة بقيت من رمضان
9- توفي السبت لأربع قضيتا من شعبان......
اما السنوات فكانت تكتب في مثلا (اثنين وثلاثين وأربعمائة أو احد عشر وثلاثمائة أو تسعة وتسعين وثلاثمائة )
تحتوي معظم الشواهد على آيات من القران الكريم أو أساليب متنوعة من الترحم والدعاء وذكر محاسن المتوفى وهناك أسلوب مميز لفت انتباه الباحث وهو السجع ذو المعاني الرنانة والأسلوب الشعري مما يؤكد أن دهلك كانت في ذلك العصر مملكةً ذات طراز جامع لصنوف الآداب والمهن والعلم والتجارة يرتادها أناس من مختلف أنحاء الدنيا وبعضهم توفي فيها .
بعض الشواهد مكتوب فيها اسم الكاتب وبعضها تتشابه حروفه وتصميمه وأسلوب كتابته مما يسهل إمكانية التعرف على كاتب النقش مقارنه مع النقوش المتشابهة ذات التاريخ التي عليها اسم الكاتب كما تشير بعض النقوش إلى تسلسل الأسر .

نماذج من الدعاء والشعر على النقوش
من الأدعية والسجع والآيات الني كتبت في شواهد القبور المتوفرة والتي تأكد انتمائها لجزيرة دهلك

*/ دعاء من الحجر الذي يعتبر الأقدم بين النقوش وبعد البسملة.

اللهم إذا جمعت الملأ لفصل القضاء وإبانة الجزاء
فعفوت عن المذنبين وأقلت العاثرين بقديم طولك
وكريم فضلك صلي على محمد نبيك واجعل ...من الآمنين

*/ من أنواع السجع أو الشعر
والى الله أشكو لا إلى الناس إنني أراني أبقى والأخلاء تذهب
أخلايا لو غير الحمام أصابكم عتبت ولكن ما على الموت معتب

* مــــــا كــــــان أطيب أياما بكم سلفت والدار دانية والعيش في رغد
مزقت بنا الأيام على رمال من بعدكم ولم يعد

* قل للحبيب تحت أطباق الثرى إن كان يسع صرختي وندايا

ياقاهراً بالمنايا كل قهار....... . بنور وجهك اعتقني من النار إليك أسلمت من كان يعضدني......... من أهل ودي وأخواني وأنصاري











شكل رقم (20) نقش بدون توقيع الكاتب بتاريخ , الخميس لعشر خلين من رمضان سنة تسعن وتسعين ومائتين

تصنيف نقوش دهلك وكاتبوها
يمكن تجميع المتشابهات بناء على الأسس الآتية :-
1/ تشابه من حيث شكل الحرف
2/ تشابه من حيث أسلوب الحفر والنقش
3/تشابه من خلال الدعاء والآيات
4/تشابه من خلال نوع الخامة
5/تشابه من حيث التصميم العام للنقش
6/التاريخ
إضافة إلى اهتمام الكاتب بتشذيب جوانب الشاهد بجعل قمته مستديرة أو مثلثة أو إذا كان ينقش علي الحجر دون الاهتمام بالتفاصيل الجمالية والزخرفة
يوجد التاريخ في الكثير من الشواهد وإهماله في بعضها مع استعمال الكتابة كزخرفة في أطراف الشاهد أو مراحل تطور الحفر بالنقش من رفيع سطحي إلى حفر عريض إلى جعل الحفر بارزاً عريضاً وحفر ما حوله إلى جعل الحرف ليناً زاهياً ثم إلى تصميم الحروف وتداخلها في الحروف اللينة ثم إلى التحلية والزخارف الرائعة وما يفرق بين هذه الشواهد هو معاملة وصقل وتهيئة السطح .
أما من ناحية توقيع الكاتب فكان يكتب اسمه في النقوش في رأس الشاهد أحيانا مثل – بوكلب المقبري- أو في ذيله أو وسطه أو جنبه –مثل عبد الرحمن بن أبي حرمي وولده أو حبيب الله وولده - وقد تميز عمل عبد الرحمن بن أبي حرمي المكي ومحمد بن الحاج احمد بخط النسخ الممزوج بالثلث وخطوطه مزخرفة وينقش على حجارة سوداء ومصقولة وتنسيقه في التصميم مميزا .








السمات الفنية لنقوش دهلك
(نقاش وصفي)
الخامات المستعملة (الحجارة)
{ تكاد لم تبق خامة تصلح للعمل الفني لم يوظف فيها الخط العربي وما يلحق به من زخارف، فمنها الأحجار والأخشاب والآجر والمنسوجات والعاج..)
لاحظ الباحث أن أنواع الحجارة المستخدمة في النقوش ليست من نوع واحد فهي أما من البازلت أو الحجر الأحمر المحتوي على الحديد أو من المرمر السميك أو من الحجر الجيري وفي كل الخامات تمت معالجة الحرف العربي شكلاً ومضموناً بما يدل على إن ( الحروف العربية على أي سطح من السطوح وعلى أي من المجسمات تتشكل وتتلون وفق متطلبات الخامة المستعملة فيها ... كذلك بشان الرأي القائل إن الكتابة اللينة لا تصلح على الأحجار وانه لابد من الخط التذكاري الذي تفرضه طبيعة التنفيذ فالمهارة التقنية ....للخطوط ذات الانحناءات في الخط نفذت بدقة تدل على إن صلابة الخامة لا تشكل معوقاً إزاء استيفاء الخط حقه التام )
الخطوط (النقوش) :-
نقوش دهلك وما بها من مميزات تطورت وفق ( الخصائص البنيوية للخط العربي التي تتشكل من عدة مستويات منها ما يستمد من خصائص العربية من قواعد ومميزات الخط العربي ذاته وهي :-
أ/ الشروط الإملائية في الكتابة العربية ومنها ظاهرتا الوصل والفصل .... التي تعد خاصية متميزة منحتها مرونة فائقة على الأشغال الفضائي حيث تساعد ظاهرتا الوصل والفصل على تماسك البنية الكتابية وبالذات ما يستجد منها عبر الوحدات الخطية ولكي نبين أهمية ذلك نشير إلى موضوعية إدراك الفضاء وهو العنصر الأساسي الذي لا يتحقق دونه إدراك الشكل كلاً أو جزءاً .
ب/ ظاهرة تنوع الخطوط العربية التي ترجع إلى أساسين هما" البسط" و "التقوير" وهما صفتان تعنيان اليبس { الهندسي } واللين وتتسم بها الخطوط الموزونة { الخط الكوفي } والخطوط المنسوبة التي تخط باليد ولا ترسم بأداة هندسية)

لاحظ الباحث ان خطوط دهلك في تنوعها حسب التواريخ المثبتة عليها تمثلت في الآتي :-
نقوس على حجارة محلية غير مصقولة أو مهيأة وإنما تم الحفر عليها فقط لتكون علامة لقبر تحتوي على اسم المتوفى أحيانا ويتم الحفر عليها حفراً رفيقاً غائراً أحيانا لكنها لم تخرج على التنسيق سواء للكتابة أو لشكل الحرف أو قراءته أو الناحية اللغوية أو الإملائية { كما في الشكلين (21-22 }نادرا ما كان يثبت التاريخ في هذا النوع من النقوش














شكل رقم (21) (22) شواهد قبور محلية
1 نقوس على حجارة جهزت لتكون شاهد قبر تم النقش فيها بالحفر العريض غير الغائر على حجارة سوداء من البازلت أو الحجر الأسود الهش كما في { الشكل26.)

0 نقش على حجارة سوداء أو حمراء مهيأة لتكون شاهد قبر صلبة من البازلت تم النقش فيها بالحفر حول الحرف حفرا دقيقا لتحديده وتصميم شكل الحرف (23) أو بحفر الفضاء حول الحرف كاملا كما في الشكل {
1 الشكل24}














شكل رقم (23) تاريخه يوم الاثنين للنصف من ربيع الآخر سنة تسع وتسعين وأربعمائة


شكل رقم (24) يوم السبت لعشر خلون من المحرم سنة سبع وثلثين وأربعمائة
2 نقش على حجارة مهيأة الأسطح تم فيها تصميم الحرف يشابه الخط الكوفي المعاصر وتم فيه حفر الفضاء حول الحرف مما جعلها بارزة وتمت الزخرفة بالحروف والكتابة حول النقش كما في الشكل 25

















شكل رقم (25) حفر الفضاء حول الحروف لإبراز الحروف
برع الخطاطون في ( التقنية التنفيذية في توظيف الإمكانيات الكامنة والظاهرة للخامة وذلك:-
‌أ. في الإفادة من اللون الطبيعي للخامة لصالح التكوين الخطي
‌ب. الإفادة من الضوء الطبيعي ومسا قطه المختلفة قد حفز إبراز الخطوط وما يلحق بها من زخارف
‌ج. الإفادة من التباينات في التركيب السطحي للخامة الواحدة أو الخامات المختلفة للتنويع الجمالي للتفاصيل الخطية وإبراز تفاصيلها )
برع الخطاطون الذين نقشوا خطوط دهلك في جعل شاهد القبر وحده متكاملة سواء في التصميم وشكل الحرف ودلالة الشاهد حتى مع جعل كلمة قبر أو هذا قبر أو اسم المتوفى أو صفه صاحب الشاهد أو بجعل لفظ الجلالة أعلى النص أو اكبر وقد أضاف هذا الأسلوب جمالا على النصوص..وهو ما يعرف ( توظيف عناصر التصميم الخطي في تعزيز الدلالة )
( كما في الأشكال 26-30-31-32)) وأحيانا بجعل الصفة اكبر من الاسم مثل الشاب الأديب والشيخ الفاضل والحرة الفاضلة كما في خطوط النسخ والثلث لعبد الرحمن وابنه وابن أخيه.








شكل رقم (26) نقش محمد بن
عبد الرحمن بن أبي حرمي بتاريخ

5- نقش على حجارة مهيأة تم النقش حول الحرف وتم التصميم بالحروف اللينة كما في الشواهد التي نقشها الخطاطون عبد الرحمن ابن أبي حرمي وابن محمد وابن أخيه بركات ومحمد بن الحاج احمد




شكل رقم (27) نقش عبد الرحمن بن أبي حرمي بتاريخ ليلة الخميس لخمس وعشرين من شعبان سنة تسع ...وخمسمائة

شكل رقم (28) بدون اسم الكاتب بتاريخ عشية الأربعاء الثلمن عشر من ربيع الآخر سنة اثنين وثلاثين وستمائة
. أما توقيع الخطاطون فقد كتب عبد الرحمن بن أبي حرمي اسمه كما يلي عمل / أو كتبه عبد الرحمن بن ابي حرمي عفا الله عنه وعن جميع المسلمين كما في { الشكل رقم ...ص... }


شكل رقم(29) توقيع الخطاط عبد الرحمن بن أبي حرمي

وقد تبعه في ذات الأسلوب سواء بالخط أو التوقيع ابنه محمد غير أن أسلوب محمد في التصميم كان مميزاً بوضع بعض الكلمات بين الحروف الراسية مما يوحي بنسيج الجمل كما في { الشكل 33)


شكل رقم (30) توقيع الخطاط احمد بن عبد الرحمن بن أبي حرمي

خطاطو نقوش دهلك
التصميم بالحرف
{ إن الحرف لوحده كشكل لا يمكن ان يحقق آلية ، وإنما يتحقق ذلك عبر علاقاته النوعية داخل النسق الخطي حيث يكتسب وصفته وشكله واتجاهه .... فالحروف العربية تتمتع بتوصيفات بنيوية متعددة نذكر منها.
هيئة الحرف
- وتشتمل على الحروف البسيطة وهي { د , ذ ، ر ، ز ، و }
- والحروف المجوفة أو ذات الأحواض وهي { ب ، ت ، س ، ش / ص ، ض ، ف ، ق ، ك ، ي / هـ } والحروف المستديرة وهي {ج ، ح ، خ ع ، غ }
- والحروف العمودية وهي { أ ، ل ، ك ، م ، ط ، ظ }
من ناحية الاتصال والانفصال فتشمل الحروف العربية :-
- حروف لا تتغير أشكالها أينما كان موضعها من الكلمة وهي { أ ، د ، ذ ، ر ، ز ، و }
- وحروف لا تتغير أشكالها إذا اتصلت بما قبلها ولكن يقطع نصف الأخير إذا اتصلت بما بعدها وهي { ب ، ت ، ث ، ل ،ك ، س ، ش ، ص ، ض ، م ، ج ، ح ، خ ، ع ، غ ، } والحرفان { ع ، غ } إذا اتصلا بما قبلها استدار مبدؤهما
الخطاطون: الباقية يتغير شكلها في أول الكلمة عنها في وسطها فضلاً عن آخرها وهي { ك ، ي ، هـ } . { }
لاحظ الباحث ان بعض خطاطي دهلك قد تجاوزوا النسق العام للحرف وشكله حسب موقعه في الكلمة بناء على هيئته التي هي شكل الحرف المعلوم فقد رفع بعض الخطاطين نهايات الحروف البسيطة
عمل الباحث على معرفة الخطاطين الذين كتبوا نقوش دهلك من خلال
1. وجود توقيعاتهم أو كتابة أسمائهم كاملة أو جزئية
2. قراءة ما كتب عنهم في الشبكة العنكبوتين خاصة عن عبد الرحمن بن ابي حرمي
3. وجود الكتابات المتشابهة في الحروف والتصاميم المتزامنة التاريخ
4- أشار ت بعض الكتابات الايطالية إل
أسماء خطاطي دهلك
2- الخطاط عبد الرحمن بن أبي حر مي
3- الخطاط محمد بن عبد الرحمن لن أبي حرمي
4- الخطاط بركات ...بن أبي حرمي
5- الخطاط حبيب الله
6- الخطاط محمد بن حبيب الله
7- الخطاط بوكلب بن عباس المقبري
8- الخطاط محمد بن الحاج احمد
مع ملاحظة وجود بعض النقوش التي يمكن من خلال المقارنة إمكانية انتمائها لخطاط معين رغم عدم وجود توقيع بها وذلك عن طريق المقارنة لتصنيفها في مجموعة واحدة.
النقوش التي عليها اسم الكاتب
* الخطاط حبيب الله :-
نجد الكاتب أو الخطاط حبيب الله لا يعتني بوضع اسمه في مكان معين وبارز وإنما كان يضعه في وسط أو طرف أو خارج النص وكان يحفره حفراً دقيقاً ورقيقاً ومتماثلاً في كل النقوش التي يوجد بها اسمه و تشير النقوش التي كتبها إلى وحدة شكل الحرف بكاساته وهيئته المعقدة .

شكل رقم (31) نقش الخطاط حبيب الله بتاريخ الأربعاء ليومين خليا من جمادي الأول سنة سبع وخمسين وأربعمائة

نموذج مع التوقيع للخطاط حبيب الله..(النقش بالمتحف الوطني الارتري بالرقم (34)
كما تمتاز حروفه بتجاوزه لأحد عناصر تصميم الحرف العربي { بالانفصال والاتصال } { } برفع نهاياتها إلى أقصى ارتفاع مما جعل الكتابة المنقوشة طلسم تستعصي قرأته إلا في بعض الحروف أو الكلمات المتداولة والآيات القرآنية المحفوظة والمعروفة المحتوى .
فقد اوجد الخطاط حبيب الله شكلاً غريباً للحروف { و ، ر ، ز ، م ، ن } فكتبها كما في {الشكل 27-السطر السادس } وقد تبعه في ذلك النمط ابنه محمد كما في { الشكلين التاليين} .


شكل رقم (32نقش محمد بن حبيب الله بتاريخ ..شعبان سنة أربع وثمانين وخمسمائة

{الشكل 36) غير موضح عليه اسم الكاتب لكنها تمثل نوعاً فريداً من تصميم الحرف فمع معالجة السطح نجد معالجة أخرى للحرف لملء الفضاء أعلاه بارتكاز الحرف على السطر وامتداده لأعلى وتزيينه وجعل الحروف الساقطة كحرف العين النهائية مثلاً على سطر الارتكاز كما زخرف خطاطون آخرون الحروف زخرفةً جعلت من النقش جملة خطوط وزخارف وضاع شكل الحرف .{الشكل 36 .. أنظر شكل حرف الحاء في عبد الرحمن.. السطر الثامن }


شكل رقم (33بتاريخ للنصف من شعبان سنة ست ومليـ.........
غيران الحروف بصفة عامة تحلت بالمرونة والاتساق والتكرار في شكل الحرف مع ملاحظة انه في بعض الأحيان يلجأ الخطاط إلى وضع ذات الحرف في النقش بشكل آخر كما هو حرف الراء في كلمتي الغرور وأربعمائة الشكل ( رقم(الملاحق رقم 1.) وبهذا النوع من التصميم صار الحرف العربي في بعض نقوش دهلك شديد الشبه في المظهر العام للنقش بنقوش الجئز وربما تأثر الكاتب بكتابات قديمة بالمنطقة لان لغة الجئز وبحكم الموقع الجغرافي كانت سائدة بالمنطقة انظر { الشكل المظهر العام للنقش بالحروف المسندية الشبيهة بحروف الجئز 37-38}






رقم(34 - 35) (1) نقش من دهلك (2) نقوش مسندية
* الخطاط بوكلب بن عياش المقير..... :-
عثر الباحث على نقش واحد كتبه بوكلب المقبري وقد نشره" جوفاني اومان" ضمن إعادة كتابة النقش في كتابه الثاني صفحة (38) وقد كتب الخطاط اسمه أعلى النقش خارج إطار النقش بحفر بسيط مقرو كما كان يكتب حبيب الله أما أسلوب خطوطه فيشابه أسلوب الخطاط حبيب الله والنقش موجود حالياً بالمتحف الاريتري بالرقم المتسلسل ======
الخطاط عبد الرحمن ابن ابي حرمي
يعتقد الباحث إن هذا الخطاط المكنى بالمكي وابنه محمد ابن عبد الرحمن وابن أخيه محمد بن بركات بن أبي حرمي وما دار في مثل نهجهم في التصميم مثل محمد بن الحاج احمد يمثلون حقبةً واحدة وفي فترة زمنية متقاربة . هناك بعض الشواهد التي لا تحتوي على توقيع الخطاط إلا انها تتماثل مع خطوط وتصميم
الفترة المعنية فهؤلاء الخطاطون برعوا في الخط اللين كالنسخ والثلث وقد لاحظ الباحث فيما عثر عليه من توثيق مثبت التاريخ في بحوث لهذا النمط من الخطوط عدم التطرق إلى جزيرة دهلك
( كتب الدكتور احمد الزيلعي { تعد جزيرة دهلك من أشهر البلدان التي وصلتنا منها نقوش خطية شاهديه تشبه الى حد التطابق بمعاصرتها مع النقوش التي عثر عليها في مكة المكرمة وفي الحجاز عامة . وكان الاعتقاد السائد الى عهد ليس ببعيد إن هذا التشابه ناتج عن التأثر والتأثير بين الحجاز وجزر دهلك بسبب الاتصال الحضاري والقرب الجغرافي . غير أن الباحث لعثوره على نمازج خطية عليها تواريخ متفاوتة نقشها خطاط مكة المشهور { عبد الرحمن بن أبي حرمي ت : 645 هـ} حمله على الاعتقاد بان هذه النقوش كانت تشترى من مكة وتحمل الى دهلك لتنصب على فبور أصحابها .... وله على ذلك بعض الأدلة التي منها :-
1- لم يتبين إن عبد الرحمن بن أبي حرمي سافر إلى دهلك
2- التكوين الجغرافي لجزر دهلك مرجاني والأحجار المنقوشة والمنسوب إليها مقدودة من تكوينات بركانية
3- صعوبة انتقال الخطاط وتردده على جزيرة دهلك لسنين عديدة مقارنة لسهولة نقل الأحجار إليها مع الحجاج
4- اشترك مع عبد الرحمن بن أبي حرمي في الكتابة على شواهد منسوبة إلى دهلك آخرون من أسرته من اثنان من أبنائه هما يحي بن عبد الرحمن بن أبي حرمي واحمد بن عبد الرحمن بن أبي حرمي وابن أخيه بركات ابن ابي حرمي { كما في الأصل }
سيطرح البحث فرضية تقوم على إن مكة المكرمة كانت مصدراً للنقوش التي تصدر منها إلى مختلف أنحاء العالم { }
قارنت بينما هو مثبت بالتاريخ في النقوش المذكورة مع ما هو موجود من النقوش التي ثبت انتمائها لجزيرة( دهلك) سواء من موقع هذه النقوش في الجزيرة المسماة { دهلك كبير } أو من ما هو منشور في مؤلفات سبق الإشارة إليها فوجد احد النقوش يعود إلى { ت438 هجرية } وبذلك يمكن أن تكون النقوش التي تأكد انتمائها لجزيرة دهلك ضمن منظومة الوثائق التي يمكن أن يؤرخ بها لخط النسخ
وبما إنني لم اعثر على نفش مماثل لنقوش عبد الرحمن ابن أبي حرمي أو الخطاطين المذكورين الذين يمارسون ذات أسلوبه" في الكتابة بالنسخ أو الثلث وفي نوع التصميم منسوب إلى مكان آخر غير دهلك قادني ذلك إلى تأكيد أن هؤلاء الخطاطون كانوا مستقرون أو شبه مستقرون في جزيرة دهلك بناء على كثرة النقوش المنسوبة إليهم والتي هي في ارض جزيرة دهلك وذلك إشارة لما أورده الدكتور الزيلعي .......... الذي جعله احد مبدعي مكة وأما عن كنيته { المكي } فان في شواهد قبور دهلك أكثر من متوفى مكنى بهذه الكنية ويبني الباحث على تواجد مصدر للحجارة

التي نقشت عليها الشواهد في منطقة اقرب الى جزيرة دهلك من مكة ثم إلى انتشار الشواهد في جزر الأرخبيل
والأراضي الارترية لذلك ربما كانت النقوش تكتب في دهلك ثم تصدر إلى مختلف الأنحاء
وجد الباحث أن هناك خطاط آخر لا يقل شاناً عن عبد الرحمن بن أبي حرمي وأفراد أسرته وهو الخطاط حبيب الله الذي نقش اسمه على العديد من الشواهد وكانت تدل بعض التمازج على تفرده بنوع معين من تصميم الحرف وقد كان سابقاً لعهد عبد الرحمن 475 – 607 هـ وقد وجد الباحث أيضا خطاطاً يدعى بوكلب بن عباس المقبري أضافة إلى الخطاط محمد بن الحاج احمد .
بالرغم من أن الدكتور احمد الزيلعي في بحثه الذي وجد الباحث فقرة منه في الشبكة العنكبوتية نسب النقوش إلى مكة وكذلك خطاطوها تحديداً الذين كتبوا بخط النسخ وجد الباحث ان الدكتور "الزيلعي" لم ينشر صور هذه الحجارة التي تحدث عنها إضافة الى انه ذكر { حجارة دهلك } مما يشير الى انتماء الحجارة إلى دهلك ثم ان مصدر هذه الحجارة يسمى { أم كله } بالقرب من مصوع على مسافة 14 – 15 كيلومتر تقريباً ثم أن الدكتور ابرز إن النقوش المشار إليها في دهلك ومماثلتها إلى نقوش مكة لم يطرح التمازج التي أخضعها للمقارنة وجد الباحث بحثاً منشوراً لعرفان شهيد عن الحجارة المنقوشة كشواهد للقبور وهي موجودة في جامعة الرياض تبدو الشواهد من نمط ليس مشابه تماماً لنقوش دهلك انظر بعض نمازج خطوط الجزيرة العربية التي أخضعها حسن الباشا للبحث . { مصدر تاريخ الجزيرة العربية – عرفان شهيد – شواهد القبور كمصدر من مصادر تاريخ الجزيرة العربية – نشر جامعة الرياض – صفحة81-128}
أما عن سكنى الخطاطون لم يعثر الباحث على ما يشير إلى مكان سكن احدهم وإنما بدلالة وجود معظم هذه النقوش في دهلك وعدم عثور الباحث على نقوش في دهلك تمت كتابتها في مكان آخر كالجزيرة العربية مثلا أو على سير أو كتابات عن هؤلاء الخطاطون تشير الى انهم كانوا موجودون في غير جزيرة دهلك مع ما كان لدهلك من شأن عظيم في ذلك الوقت ){ }.






شكل رقم (-36 37 ش في المتحف القومي السودان نقش في متحف الفن الإسلامي بالقاهرة

الثلث والنسخ في خطوط دهلك :-
ذكر حسن الباشا (والخط الثلث أشهر أنواع الخط المفور ومن المرجح ان بداية استخدامه في كتابة شواهد القبور كانت في القرن السادس الهجري الثاني عشر الميلادي ثم شاع استخدامه في العصور التالية ....ومن أقدم الشواهد المدونة نصوصها الجنائزية بالخط المقور ثلاثة شواهد في مصر احدها مؤرخ 594 ه 1172 م والثاني مؤرخ سنة 584ه 1188م وتمثل خطوط هذه الشواهد مراحل مبكرة لتطور الخط المقور على شواهد القبور وتوجد هذه الشواهد بمتحف الفن الإسلامي بالقاهرة )


(38)من دهلك في متحف الفن الإسلامي بمصر( جوفاني اومان الكتاب الثالث ص 33)

39) من اعمال الخطاط محمد بن الحاج احمد – بالقاهرة- جيوفاني اومان الكتاب الثالث ص23 بتاريخ 637هـ

و ذكر ادلوف كروهمان{ Adolf Grohmann } { من المفيد جداُ أن يتفهم المرء إن خط النسخ بحروفه الرشيقة ، المدورة ، السهلة القراءة ، قد ترسخ موقعه بوقت مبكر نسبياً ، حيث ظهر على قطع النقود المعدنية في أواخر القرن الثالث الهجري في الشرق {292هـ - 904 – 905 م } وذلك مقارنة مع الخط الكوفي ، الكهنوتي ، الجامد صعب القراءة ولقد بدأ خط النسخ يحل محل الكوفي المنقوش على ألواح الحجر في بلاد ما بين النهرين وسوريا ومصر خلال القرن الخامس الهجري – الحادي عشر الميلادي { } وقد بنى ادولف كروهمان أسانيد من بعض المسكوكات والنقوش والمنسوجات التي أشار اليها وهي كما يلي :-
1. نقوش معدنية أواخر القرن الثالث الهجري 292هـ 904 – 905 م
2. درهم في خرسان 293 هـ - 906
3. درهم اليانجوري احمد بن احمد 299 – 911 – 912م
4. في سوريا نقوش النسخ على الحجر على منارة الجامع الكبير بحلب 483هـ - 1090م
5. في مصر 490هـ - 109م دينار الخليفة الفاطمي المستعلي بالله
6. زخارف على الأقمشة بخط النسخ موجودة في متحف الفن الإسلامي بالقاهرة 489 هـ - 1096 -1097م
7. خط النسخ المائل إلى جانب نقشين من الخط الكوفي على لوح مرمري يعود الى عام 492هـ - 1099م
8. في شمال أفريقيا جامع في تلمسان بالجزائر 530هـ - 1035م
9. نسخ مزهر في نقوش في ارخبيل الملايو للأميرة ديفي ايفاري لعام 495هـ - 1102م
10. في آسيا الوسطى { اوز قند} 547هـ- 252م
11. في إيران في مرقد بوزان 525 هـ 1134م
12. توجد نمازج رائعة لخط النسخ أيضا ظهرت فيما بعد منها نقوش تركية نادرة على بلاط السيراميك لتربة مقبرة شاه زادا في استانبول تعود إلى النصف الأول من القرن السادس عشر الميلادي { }











بسم الله الرحمن الرحيم

جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا
كلية الدراسات العليا
كلية الفنون الجميلة والتطبيقية



بحث مقدم لنيل درجة الدكتوراه
في الخط العربي

بعنوان

نقوش جزيرة دهلك كمصدر مؤرخ للخطوط اللينة ( النسخ والثلث )
دراسة تأريخية تحليلية





إعداد الدارس
تاج الدين نور الدائم يوسف



الفصل الأول
تمهيد :
يقع أرخبيل دهلك الذي يتكون من قرابة ألمائتي جزيرة ، في البحر الأحمر,ويتبع للدولة الارترية ، و جزيرة دهلك موقع المقابر التي بها شواهد القبو ر، التي تعود للقرون الإسلامية الأولى، هي الجزيرة الأكبر فيه ، واخذ اسمه منها . يشكل الأرخبيل مثلثا ضلعه على الساحل الإفريقي واحد زواياه داخل البحر الأحمر ويقابل جزر فرسان وكمران بالجزيرة العربية مما سهل ربط الساحل الأفريقي بجزيرة العرب ، تزخر جزيرة دهلك بكثير من النقوش العربية القديمة في شكل شواهد للقبور . المنطقة مميزة بثرائها الثقافي وتعدد الحروف العربية فيها مع وجود خطوط الجئز والمسند والكتابات الإغريقية القديمة .
أهمية البحث:
تتركز أهمية هذا البحث في :
1/ موقع جزيرة دهلك في البحر الأحمر بين إفريقيا وشبه الجزيرة العربية ، أهلها للعب دور في نشر الأدب والعلم في القرون الإسلامية الأولى ، فضلا عن شهرتها كمنفى للساسة والأدباء والعلماء ، و ملجأ الهاربين في القرون الأولى للدولة الإسلامية . جعلها ذلك نقطة احتوت أنماطا مختلفة من الثقافات و التاريخ ، منذ وقت مبكر قبل الميلاد ، كما تشير الدراسات إلى أن دهلك كانت تتأثر بما يجري في الجزيرة العربية ، بما كان لها من علاقات تجارية واجتماعية ، مما حدي بالرسول ( ص) أن يوجه أصحابه بالهجرة إلى ارض الحبشة والتي تمثل دهلك ثغرا لها .
كما تعتبر نقوش دهلك من أهم وثائق الكتابة العربية ، فيما حوته من دلالات في الشكل العام للحرف العربي ، ونمط كتابته بأشكال وتصاميم متنوعة ، مما يعكس مراحل تطور الحرف العربي المثبت التاريخ ، علي النقوش التي تحمل تفصيلا ستكشف عن مرحلة من مراحل تطور الخط العربي بأشكاله اليابسة و اللينة ، في نقوش جزيرة دهلك .
2/ جزر أرخبيل دهلك وبما تحمله من ملامح عربية إسلامية ، لاتزال جزءا شبه مجهول في خارطة المعابر العربية والإسلامية ، التي انتشر من خلالها الإسلام والثقافة العربية في أواسط أفريقيا .
3/ لم تشهد جزر دهلك الاستقرار لجذب الباحثين ، فمنذ عهد بعيد كانت مسرحا للصراعات ، وميدانا للحروب ، ومراكز ومرفأ للفاتحين والمستعمرين، وكان آخر الحروب ، حرب التحرير الارترية التي انتهت عام 1991 ، أسهم عدم الاستقرار في إبعاد الباحثين دهلك كمنطقة خطرة ، لذلك يمكن أن يكون هذا البحث مدخلا لدراسات أخرى كثيرة في الفنون ، والأدب ، والتاريخ ، بعد الاستقرار الذي تشهده المنطقة ألان .
4. نقوش جزيرة دهلك التي انتشرت في مختلف أرجاء العالم ، والتي حظيت بالدراسة والتحليل من ِقبل أشهر المؤرخين ، لم يُشر إليها في مضابط تاريخ الحروف اللينة ،على أن أصلها من دهلك . فهي إذ تحتوي على حروف لينة ، و تاريخ نقشها ، ربما تحسم المغالطات التي تكتنف تاريخ الخطوط اللينة ( خط النسخ والثلث) ، التي كما يذكر أن تاريخها يعود إلى ما ظهر على قطع النقود المعدنية في أواخر القرن الثالث الهجري في الشرق {292هـ - 904 – 905 م } حيث بدأ الخط اللين يحل محل الكوفي المنقوش على ألواح الحجر في بلاد ما بين النهرين وسوريا ومصر خلال القرن الخامس الهجري – الحادي عشر الميلادي .
ومن المرجح أن بداية استخدام خط الثلث في كتابة شواهد القبور، كان في القرن السادس الهجري ، الثاني عشر الميلادي ، ثم شاع استخدامه في العصور التالية ، ومن أقدم الشواهد المدونة نصوصها الجنائزية بالخط المقور، ثلاثة شواهد في مصر، احدها مؤرخ 594 هـ 1172 م ، والثاني مؤرخ سنة 584هـ 1188م ، وتمثل خطوط هذه الشواهد مراحل مبكرة لتطور الخط المقور على شواهد القبور ، وتوجد هذه الشواهد بمتحف الفن الإسلامي بالقاهرة وبريطانيا .
وهنا من الأهمية بمكان ، إثبات أن النقوش الجنائزية المذكورة تعود إلى جزيرة دهلك .
5 – نقوش جزيرة دهلك يمكن أن تشكل أنموذجا مبكرا لفلسفات حديثة ، تتعلق بالحرف العربي من حيث خصائصه البنيوية ، التي تتشكل من عدة مستويات ، منها ما يستمد من خصائص قواعد اللغة العربية ،من حيث إبراز دلالة المعنى لفظا ، وعلاقته بمميزات الخط العربي في النقش أسلوبا وتقنية . بذلك فان نقوش دهلك ، تشكل مرحلة مميزة في الرقي بدلالات الحرف العربي في التصميم ، ليعبر عن المضمون لجعل العمل الفني وحدة متماسكة.
منهج البحث :
(المنهج هو الأسلوب الذي يتبعه الباحث ، والإطار الذي يرسمه لبلوغ أهدافه ، ويعرف العلماء" المنهج " بأنه فن التنظيم الصحيح لسلسلة من الأفكار العديدة، إما من أجل الكشف عن حقيقة مجهولة لدينا، أو من أجل البرهنة على حقيقة لا يعرفها الآخرون . ) .
1-انتهج الباحث في هذه الدراسة المنهج الوصفي ، الذي يقوم على أساس تحديد خصائص مشكلة البحث الظاهرة ، المعنية ، والتعرف على حقيقتها في ارض الواقع . ( يعتبر بعض الباحثين بان المنهج الوصفي يشمل كافة المناهج الأخرى ، باستثناء المنهجين التاريخي والتجريبي . لان عملية الوصف والتحليل للظواهر، تكاد تكون مسألة مشتركة ، وموجودة في كافة أنواع البحوث العلمية. ويعتمد المنهج الوصفي على تفسير الوضع القائم . كما يتعدى المنهج الوصفي مجرد جمع بيانات وصفية حول الظاهرة ، إلى التحليل ، والربط ،والتفسير ، والتصنيف، والقياس ، واستخلاص النتائج . وتستند البحوث الوصفية إلى عدد من الأسس مثل التجريد والتعميم . كما تتخذ إشكالا عديدة مثل المسح النظري أو الميداني ، وتحليل المضمون ، ودراسة الحالة . ومهما اختلفت أشكال المنهج الوصفي ، إلا أنها جميعا تقوم على أساس الوصف المنظم للحقائق ، والخصائص المتعلقة بظاهرة أو مشكلة محددة بشكل عملي ميداني
لذلك قام الباحث بزيارات ميدانية عديدة ، لدراسة النقوش موضوع البحث في بيئتها ، إذ قام بزيارة لجزيرة دهلك موطن النقوش التي تقع في البحر الأحمر، والتابعة لدولة ارتريا ، أكثر من مرة ، كما قام الباحث بزيارات إلى جمهوريه مصر العربية ، للتأكد من وجود وانتماء بعض النقوش المتواجدة بمتحف الفن الإسلامي إلى جزيرة دهلك ، كما قام بزيارة لليمن ،والمملكة العربية السعودية ، لدراسة أنواعا مماثلة من النقوش . فضلا عن المكاتبات والاتصالات التي قام بها الباحث مع المتحف البريطاني .
2 - انتهج الباحث (المنهج التاريخي الذي يقوم على دراسة أحداث وأحوال الماضي بالسرد والتعليل والتفسير ومن أهم مصادر هذا المنهج: كتب التاريخ ،والوثائق ، والآثار) حيث تتبع الباحث تاريخ نقوش دهلك من المراجع المختلفة المتاحة ، المنشورة والمحفوظة في متاحف دولة ارتريا ، والدراسات المنشورة على الشبكة العنكبوتية ، وفي متاحف مصر واليمن السودان وارتريا .
3 - قام الباحث بتشريح وتحليل الكتابات المنقوشة على شواهد القبور، مستفيدا من تخصصه في الخطوط العربية والزخرفة الإسلامية ، التي أكملها في كلية الفنون الجميلة والتطبيقية . فبعد دراسة النقوش قام الباحث بتحديد نوع الحروف ، وشكل وتطور تصميم النقش ، ونوع الخط فيه ، واسم كاتبه وأسلوب كتابة التاريخ ، ونوع الخامة التي عليها النقش . كما اصحب الباحث تحليلية برؤيته النقدية على كل نقش .
ملاحظات الرحلات البحثية الميدانية :
تمهيد :
الملاحظة : هي مشاهدة الظواهر بقصد عزلها وفك ارتباطها، بغيرها من الظواهر الأخرى. حتى يمكن تحويلها إلى ظواهر علمية، قابلة للدراسة. ويمكن أن نميز بين ملاحظة عامة ، وهي ملاحظة عادية، تلقائية، لا تهتم بعزل الظواهر ، و يتحكم فيها الباحث بما يراه مناسبا لدراسته، حتى يتسنى له الرصد الدقيق للوقائع الجزئية المكونة للظاهرة المدروسة، ودراستها عن طريق الحواس المجردة، أو الملاحظة المسلحة وهي ملاحظة تعتمد على أدوات القياس، والتجريب العلمي، (كالميكروسكوب، وآلات التصوير ، وآلات التسجيل.. الخ )
اتبع الباحث أسس الملاحظة العلمية في رحلاته الميدانية حيث قام بتسجيل البيانات وتصوير العينات والنماذج ودراستها التي شكلت جوهر هذا البحث .
ملاحظات الرحلة إلى جزيرة دهلك :-
* زار الباحث جزيرة دهلك وبقية جزر الأرخبيل، عدة مرات بإغراض بحثية مختلفة، لكن رحلته هذه قام بها تحديدا بغرض البحث في نقوش دهلك ، التي احتوت علي الحروف اللينة .
* بدأ الباحث الرحلة في 11/12/2009 مع الفصل الماطر في شرق وغرب البحر الأحمر إذ كانت درجات الحرارة في الجزيرة معتدلة مما أتاح التحرك في إرجائها دون عناء إذ تبلغ درجات الحرارة في فصل الصيف أكثر من (45) درجة مئوية ، مع معدلات الرطوبة العالية جداً ، إضافة إلى ارض الجزيرة الصخرية التي تعكس أشعة الشمس.
* استغرقت الرحلة ساعة من الزمن بمركب سريع من ميناء مصوع ، وكانت الأمواج والرياح الشمالية الشرقية عالية ومواجهةً ، مما دفع قائد المركب للاتجاه إلى الناحية الشمالية من الجزيرة في احد قرى دهلك تسمى { جمهلي } ومرساها المسمى كوشة .



إلى اليمين موقع جزيرة دهلك الى اليسار خارطة الجزيرة - اتجاه الشمال الي يسار الخارطة

* المباني الثابتة في كل قرى الجزيرة من { الكورال } الحجر الجيري البحري ، الذي يستخرج من الجزيرة ، وبدلاً عن الاسمنت يتم استعمال نوع معين من ا لحجر المتوفر من احد أودية الجزيرة ، ( ُيطحن و ُيعجن بالماء ، وُيترك ليتخمر ، يتحد الخليط مع الكورال ، ويصير قاسيا صلدا) ، كما ُيستعمل ذات الأسلوب في بناء سقوف الآبار المحفورة في الصخر في جميع أنحاء جزيرة دهلك ، كما ُيستعمل وفي بناء المساجد ، وصنع شواهد القبور أحيانا . أما النوع الثاني من المباني فهو أما من القش أو من الخشب { صندقة } أو من الشعر كما ذكر المواطنون.


جزء من شاهد قبر مصنوع من مادة
طينية صلبة تستخرج من أودية دهلك

* يتحدث أهل دهلك لغة خليط من العربية واللغات المحلية - والتقري والتقرينجة والعفرية والساهو ، وتسمى لغتهم " لغة الدهاليك " ، ويطلقون كلمة الأولين على أصحاب المقابر .
* دهلك كبير حيث المقابر ذات الشواهد المنقوشة ، تقع في الجزء الجنوبي من الجزيرة ، من الناحية المقابلة للأراضي الاريترية ، ويفصلها عن شبه جزيرة " بوري أو انقل" البر أو الساحل أميال قليلة ، و يقول الأهالي إن الصحابة رضوان الله عليهم ، نزلوا بها بعد مرورهم بدهلك كبير. يذكر الأهالي كذلك انه كانت لدهلك أشجار شوكيه كثيرة ، وكان الماء أوفر من الآن ، وكانت بالشواطئ غابات كثيفة من أشجار تسمى( الشورة) ،و ترتوي من ماء البحر ، وقد ذكروا كذلك أن تلك الأشجار أزالها البرتغاليون لمحاربة تجارة الرقيق التي كانت دهلك احد محطاتها الهامة . لاحظ الباحث أن البر المقابل لجزيرة دهلك من ساحل ارتريا ، به الأشجار المذكورة في مساحات واسعة وتذكر بعض الروايات أنها كانت مكان لتخبئة مراكب الثوار إبان الثورة الارترية ، وكانت ميناء لتجارة الرقيق ، وربما تكون الميناء الذي غزى منه عيزانا نجاشي اكسوم ارض اليمن في القرن الثالث الميلادي .
* الحياة البرية بالجزيرة تتمثل في الغزلان التي ليست بالكثرة الملاحظة ، و بها عدد من الأغنام والجمال والقطط . أما الكلاب والذئاب والضباع فليس لها وجود في الجزيرة ، فقد ذكر الأهالي إن هنالك أمراض تصيبها تؤدي إلى تساقط شعرها وموتها .
* الآثار المتوفرة بشكل أنقاض كانت قصوراً أو مباني في دهلك كبير ، تقع في مساحة صغيرة وهنالك تلال ثلاث تعرف بأنها كانت قصوراً ، أكبرها قصر السلطان ، الذي بني على دعائم من أعمدة المرمر المزخرفة على الطراز الروماني ، وبعض الحجارة المربعة السوداء التي تغير لونها ربما بفعل الحريق الذي أشعله البرتغاليون ، عندما دمروا دهلك سنة 1527م.



إلى اليمين جزء من أعمدة المرمر المنحوتة على النمط الروماني .. إلى اليسار حطا م احد القصور السلطانية

* يوجد في جزيرة دهلك" حسب رواية الأهالي" ، ثلاثمائة وستين صهريجا ارضيا ، يسع أكبرها بين( 50 إلى 60 مترا مكعبا) من الماء ، وأصغرها بين( 25 – 40 مترا مكعبا) ، تم حفرها على الحجر الجيري بأسلوب هندسي متقن بالزوايا واستقامة الجدران ، موزعة على الجزء الذي تقع فيه دهلك كبير، وهناك خزانات متفرقة في الجزيرة ، شاهد الباحث خلال تحركه عددا كبيرا منها ، لكنه لا يصل إلى الرقم الذي ذكره الأهالي الذين التقى بهم وهو ( 360 ) خزانا ، وكانت دهلك تمد المراكب والمواطنين بالماء طوال العام ن بحيث يستهلكون كل يوم خزانا واحداً ، هناك بعض الخزانات تعرضت للتخريب والانهيار وبعضها دفن تماماً ، وذكر الأهالي أنهم يستعملون بعض هذه الخزانات للشرب حتى الآن ، و إنها كانت مستعملة كلها حتى الخمسين سنة الفائتة ، وقد قادت قوات البحرية الاريترية حملة لصيانتها في التسعينات من القرن الماضي ، كما تعد الأودية احد أهم المصادر للمياه إبان فصل الخريف ، مما يجعل رقم الخزانات تلك مبالغا فيه ، لا يتفق مع ربطه بعدد أيام السنة ، إلا أن قلتها لا تقلل من كونها احد الأساليب الخارقة لتجاوز الظروف الطبيعية الصعبة . أخذت الخزانات أشكالا عدة منها المستطيل ، والمربع، والدائري ، والسطحي ن والغائر. كما درس القدماء كنتور وتضاريس الأرض فشقوا قنواتـًا تجلب إليها الماء من مناطق قصية .



احد الخزانات الأرضية محفور على السطح ومسقوف الحجارة خزان تحت الأرض مع أعمدة تحمل السقف منحوتة مع جسم الخزان

بعض الخزانات محفور من سطح الأرض بشكل مستطيل، وُبني سقفه ( بدون دعائم أو مواد أخرى كالحديد أو الخشب ) من حجارة الكورال الجيرية الصغيرة و الطين المحلي الذي أطلق عليه الباحث ( الاسمنت الطبيعي ) .

خزان تحت الأرض يسع ( 50-60) مترا مكعبا مع قنوات تقود الماء إلى الفتحة بالسقف

بعض الخزانات تم الحفر فيها حول أعمدة في وسطها ، لحماية سطحها من السقوط ، إذ أن الخزانات بكاملها تحت الأرض ، ُيستدل عليها بالفتحة الصغيرة في السقف التي تم من خلالها حفر الخزان ، وتستعمل لتغذيته بالماء وسحبه عبرها بالدلاء . و يبلغ سمك قشرة الأرض في سقف الخزان بين ( 70- 100سم ) ، وقد يصل العمق أحيانا إلى سبعة أمتار.
* قام بعض السكان بعد تحرير ارتريا عام 1991م بالتوسع في مناطق الآثار ، واستعملوا بعض بقايا القصور المهدمة في بناء المنازل ، كما استعملوا بعض الخزانات الأرضية كمكبات للنفايات ومراحيض



الصورة إلى اليمين للجنة أعيان دهلك كبير الصورة إلى اليسار للباحث مع أعيان الجزيرة والقائمين على امر المقابر بها
دهلك كبير ارض النقوش
* تقع مناطق الآثار التي تحتوي معظم النقوش المقصودة ، في جنوب الجزيرة وتبعد بالسيارة ساعتين تقريباً من حيث نزل الباحث ، يعبر الطريق الوعر غير المعبد معظم القرى من الشمال إلى الجنوب .
* لفت انتباه الباحث وجود مقابر كثيرة في كل قرية مقارنة بإعداد السكان الأحياء وأسلوب الدفن على الطريقة الإسلامية ويعزي السكان كثرة المقابر إلي عام 1306 هـ والمجاعة المشهورة وهو ما يطلقون عليه في دهلك موت الرحمة ، وقد ذكر احد الأعيان انه سمع أن أعدادا من الأسر كانت تموت معا .
* يمكن تقدير تعداد السكان في كل الجزيرة بين ألفين وثلاثة آلاف ، هناك مقابر في منطقة تسمى أدال أو رأس الشوك ، تبعد حوالي الساعة ناحية الشرق من دهلك كبير حيث المقابر ذات الشواهد المعنية .
* طال التخريب والتلف والدمار شواهد القبور في المنطقة ، هذه الشواهد والحجارة المنقوشة ِحيكت حولها الكثير من الأساطير والحكايات ، التي تقال عن دهلك في الروايات الشعبية والادب المحلي . كما ذكر الأهالي أن كثيرا من الشواهد تم أخذها من جهات غير معلومة منها الوطنية والأجنبية .


نماذج قليلة جدا من الشواهد التي تعرضت للتخريب
ملاحظات الرحلة إلى اليمن :
*لاحظ الباحث أن الوثائق المؤرخة لتاريخ منطقة دهلك، وكذلك المعلومات الشفهية التي تحصل عليها متعلقة باليمن ، لذلك وضع جدولا لرحلة لجمهورية اليمن فغادر إليها من السودان عام 2010 م .
زار الباحث المتحف اليمني وكثيرا من المناطق التي لها علاقة بموضوع البحث ، توصل الباحث إلي كثير من المعلومات عن تاريخ اليمن المتصل بحضارات القرن الأفريقي ، ومنها الكتابة السبئية والكتابة المنقوشة بقلم المسند وقد ساعد الباحث إلمامه بالحروف الجئزية تحديد بعض النماذج لتصويرها ، ثم مقارنتها مع النقوش المسندية بالمنطقة إضافة إلي معلومات عن مملكة زبيد ، ذات الأهمية التاريخية والأثرية في اليمن، كونها تضم العديد من المعالم الأثرية الهامة ، إلى جانب المكانة العلمية التي كانت تتمتع بها في الفترة الإسلامية والتاريخية التي عاصرت فيها جزيرة دهلك .
ا
لى اليمين نقش مسند من المتحف اليمني إلي اليسار شاهد قبر بتاريخ 19 جمادي الآخر سنة 847 هـ( تفاصيل ضمن الملاحق )

.وقد قام الباحث بتصوير بعض النماذج من النقوش العربية ، والسبئية ، والمسندية المعروضة بالمتحف كما قام بتحليل ودراسة بعضها ( انظر الملاحق ) .
ملاحظات عن الرحلة إلى جمهورية مصر العربية :
* بعد أن تأكد الباحث من وجود نقوش كتابية من دهلك بمتحف الفن الإسلامي بالقاهرة ، عبر مختلف الوثائق التي أشارت لذلك ، قرر زيارة المتحف المعني للوقوف والتأكد من وجود النقوش التابعة لجزيرة دهلك هناك .
في نهاية الشهر الثاني من عام 2011 وصل الباحث إلى متحف الفن الإسلامي بالقاهرة ، وفي معيته خطاب من السيد عميد كلية الفنون الجميلة والتطبيقية ، والمشرف الرئيس على رسالة الباحث وبعض الأوراق الثبوتية .
رحب القائمون على أمر المتحف بالباحث بعد مناقشة طويلة عن أهداف الرسالة ، وقد قام الباحث بتصحيح بعض المفردات في احد النقوش ، وهي كلمة ( دهلك ) التي لم يلم الإخوة في المتحف بمعناها وقد حقق الباحث أهداف زيارته ، التي رمى من خلالها إلى الأمانة والتحقق من وجود إثباتاته ، لتحقيق أهداف بحثه ، وقد دون الباحث من سجلات الآثار المصرية المختصة بالمتحف المذكور، بيانات الشواهد التي به ، حتى التي لم يتطلع الباحث على بعضها لوجودها في متحف القلعة والشواهد هي :-

صور نقوش دهلك في متحف الفن الإسلامي بالقاهرة




ملاحظات الزيارة لمتحف السودان القومي :









جدول يبين نقوش دهلك في متحف الفن الإسلامي بالقاهرة وأرقام سجلاتها


نقوش دهلك في متحف الفن الإسلامي بالقاهرة كما أوردها جيوفاني اومان :



( 1 ) ( 2 )



( 3 ) ( 4 )



( 5 ) ( 6 )



( 7 ) ( 8 ) ( 9 )

هناك شواهد ذكر ( جيوفاني اومان ) بأنها ضمن مقتنيات هذا المتحف إلا أنها لم تظهر في السجلات ولم يرها الباحث مثل الشاهد رقم ( 1 ) .
ملاحظات عن الزيارة للمتحف القومي السوداني :
قام الباحث بزيارة للمتحف القومي السوداني ، للتحقق من أن هناك أكثر من نقش يعود إلى دهلك ضمن مقتنيات المتحف .
التقى الباحث بإدارة المتحف التي تفهمت الأمر بعد إبراز الوثائق التي اعتمد عليها الباحث في انتساب النقوش لدهلك ، وقد قام الباحث بتصوير النقوش وهي :-

رقم 1 رقم 2 رقم 3
إضافة إلى نقشين آخرين . وتجدر الإشارة إلى أن النقش رقم ( 2 ) لم يضع ( جوفاني اومان ) صورته في الكتاب الذي استدل به الباحث على انتماء النقوش إلى دهلك ، وإنما من مطابقته النص المذكور بالكتاب ( رقم 4 أدناه ) ، اثبت الباحث أن النقش من دهلك ، أما النقشان الآخران فلم يعثر عليهما الباحث ضمن مقتنيات المتحف ( الصور المرفقة ل نقوش دهلك في متحف السودان القومي من كتاب جيوفاني اومان )

(1) ( 2 )


( 3 ) ( 4 ) ( 5 )

مشكلة البحث:
1 - الدراسات التي أجريت على نقوش دهلك تناولتها من الناحية التصويرية التوثيقية ، ( صور ) مع المقرؤئية ، دون الخوض في قيمها الجمالية ، وفحصها بعين الخبير الناقد ، من حيث كونها فنا راقيا، يحمل ألوانا من القيم الفنية العالية ، في خامته وتشكيل حروفه وتصميمه وأنواع الخطوط المستعملة فيه .
2 - الباحثون الذين تطرقوا لهذه النقوش ، لم ينسبوها إلى جزيرة دهلك ، مما غيب صور التلاقح والتواصل بين ثقافات الجزيرة العربية والقرن الأفريقي ، وعتم على طبيعية للأديان والمعتقدات في المجتمعات بأرض الحبشة ، كل ذلك جعل الفرضية التي تدور بداخلها مشكلة هذا البحث ، تتصل بالإنتاج الفكري الموثق عن نقوش دهلك ، وعدم تناولها من ناحية كونها فنا راقيا ، ساهم في التوثيق لملامح تطور الخط اللين في الكتابة العربية . فمن خلال هذا البحث يعتزم الباحث تناول النقوش كمصدر ينتمي إلى جزيرة دهلك ، ثم إثبات أنها مصدر مؤرخ للخطوط اللينة .
3 - نقوش دهلك تمثل مرحلة لا يمكن تجاهلها ، لان المنطقة كان يشار لها باسم دهلك ن أي ليس باسم قطر أو دولة ، وذلك لما كانت تلعبه من دور في التاريخ القديم منذ عهد الفراعنة ، فهي وبوقوعها على الخط الملاحي القديم والحالي ، تعتبر من المحطات العالمية المفتوحة ، مما شكل مجتمعا ونمطا لحياة هذه النقوش هي الشاهد عليها ، وعدم ربطها بدهلك ن زاد من ضبابية الصلة وملامح العلاقة بين الحضارة العربية ممثلة في أشكال الكتابة العربية القديمة ، والحضارات والمعتقدات الأخرى في القرن الإفريقي وما حوله.
4 - عدم الاستقرار والنزاعات والحروب التي سكنت هذا الأرخبيل ، عاق الباحثين من إجراء البحوث الميدانية ، مما غيب الاهتمام بالتاريخ السياسي الإسلامي المبكر وأثره علي تنامي المعرفة باللغة العربية و الحرف العربي في جزيرة دهلك ، وما أسهمت به هذه النقوش من تطور في الخط المقور مثل النسخ والثلث .
أهداف البحث:
يهدف هذا البحث إلى :
1- إثبات أن جزيرة دهلك أصل النقوش التي ذكرت كأحد المصادر المؤرخة للخطوط اللينة في القرون الإسلامية المبكرة.
2 - توضيح العلاقة البصرية بين خطوط اللغة الجعزية التي كانت سائدة في دهلك والخط العربي في مراحله المبكرة في جزيرة دهلك .
3 - دراسة وتحليل بعض نقوش دهلك ومناقشتها نقاشا وصفيا .
فروض البحث:
بني تصميم هذا البحث على الفرضيات التالية :
2- النقوش على شواهد القبور المشار إليها كأحد المراجع لظهور الخط اللين ( النسخ والثلث ) أصلها من دهلك .
3 -إن هنالك حروف لغات أخرى أثرت في تكوين الحرف العربي في احد مراحله في جزيرة دهلك، مثل حروف الجئز أو قلم المسند الذي يكتب بحروف غير عربية .
4- إن الحرف الذي يطلق عليه ( المسند ) لم يكن حرفا عربيا ، ولا يعبر عن لغة الجزيرة العربية قديما إذا افترضنا أن لغتها كانت اللغة العربية الحالية .
5 – الخطاطون الذين نقشوا أسماءهم على شواهد القبور المنتمية لجزيرة دهلك ربما كانوا في الجزيرة عينها .
أدوات البحث :
) يحتاج الباحث إلى تعديل بعض أدواته أو إعداد أجهزة خاصة. تماشيا مع نوع مشكلة البحث و طبيعة الفروض التي تتحكم في اختيار الأدوات، و قد يتطلب البحث من الباحث عددا قليلا من الأدوات و يتطلب بحث آخر عددا أكبر.و لذلك يجب أن يتوفر لدى الباحث مجموعة من الأدوات والتي هي مجموعة الوسائل و الطرق و الأساليب و الإجراءات المختلفة التي يعتمد عليها في الحصول على المعلومات و البيانات اللازمة ).
لاحظ الباحث أن أدوات البحث المتفق عليها والمتمثلة في : (الاستبيان - المقابلة - الملاحظة - الاختبار ) ترتبط بالسلوك الظاهري. لذلك حاول الباحث إيجاد صيغة يمكن من خلالها تطبيق بعض أو كل هذه الأدوات في سعيه لإثبات الفروض، إذ أن مشكلة بحثه تقع تحت مظلة الفنون ، لذلك كان لابد من إيجاد نافذة يدلف منها لتطبق الأدوات المناسبة ، على أساس أن ( عناصر الفن الأساسية شبيهة إلى حد كبير بعناصر العلم, لأن كلاها يدعو إلى ضرورة اكتشاف وتفهم العلاقات بين الظواهر المختلفة, والتي بدورها تؤدي إلى الابتكار والانطلاق الفكري, وكما أن العلم يؤدي بالضرورة إلى ابتكار علمي, فإن الفن أيضا ينتهي بابتكار فني).
عليه فقد طبق الباحث أدوات الملاحظة والعينات ، كما تزود الباحث في رحلاته الميدانية بأدوات مساعدة ، لتحقيق أعلى النتائج المستخلصة بأدوات البحث ،لتأكيد وتوثيق بيانات بحثه (( متر للقياس و متر النسبة الملون scale - - وعدسات مكبرة ، كاميرا رقمية ، جهاز حاسوب محمول ، أوراق شف tracing paper ، وأقلام كربونية لرقع تشكيل بعض الشواهد ))
في الناحية التحليلية ، تعامل الباحث مع العينات عبر برامج في الحاسوب مخصصة للخطوط والصور، مثل (الفوتوشوب والكوريل ) ، استفاد الباحث من برامج متاحة في الشبكة العنكبوتية ، مثل البرنامج الذي يحول التاريخ من الهجري إلى الميلادي والعكس ، في التحليل والترتيب التصاعدي للنقوش .
حدود البحث :
يتحدد هذا البحث موضوعا- بعنوانه ( نقوش دهلك ) و بدراسة النقوش الإسلامية التي جرى تنفيذها على شواهد القبور.
وحدوده مكانا : جزيرة دهلك في البحر الأحمر، التي تقع ضمن حدود دولة ارتريا و أي موقع خارجها به نقوش ثبت انتمائها إليها .
يحدد زمان البحث : منذ القرون الإسلامية المبكرة ودخول الإسلام الساحل الغربي للبحر الأحمر وحتى الآن.
مصطلحات البحث:-
نقوش: أصل الكلمة من مصدرها (نقش) .
نقش الشيء: اختاره و المنقاش آلة ينقش بها وجمعها مناقيش، والنقاشة حرفة وتعني نقش أيضا الأثر وجمع نقش نقوش والنقاش من حرفته النقش .
المسند - الجزم: المسند هو الخط الذي اشتقت منه سائر الخطوط التي كتبت بها الشعوب السامية .
السامية: استعمل لفظ السامي ( مطبوعا ) عام 1781على يدي شلوتسر في مقاله عن الكلدانيين بقوله
"من البحر إلى الفرات، ومن ارض الرافدين وحتى بلاد العرب جنوبا، سادت كما هو معروف، لغة واحدة. ولهذا كان السوريون والبابليون والعبريون والعرب شعبا واحدا.وكان الفينيقيون ( الحاميون ) أيضا يتكلمون هذه اللغة التي أود أن اسميها اللغة السامية .
الخط أو الحرف: خط بالقلم بمعنى كتب ، وخط الشيئ بمعنى كتبه لتعليل أو لغيره ، وخطت الرياح الرمل جعلت فيه خطوطاً ، وخط الخطوط رسمها ، وخط الأرض أو الدار جعل لها حدوداً ،والخاط جمع خطاط وهو الساحر لاستعماله الخطوط في السحر ( المنجد ) .
الحروف العربية : الحرف من ( حرف – بفتح على حروفه الثلاثة ) الشيئ عن وجهته صرفه وإمالة، الحرف هو من كل شيئ طرفه وشفيره ، أو جانبه والجمع حروف وأحرف ، والحرف في النحو ما دل على معنى في غيره
الكتابة : الكتابة نظام اتصال إنساني بواسطة الرموز البصرية أو الإشارة، وترجع أكثر أطوار الكتابة بدائية للإنسان القديم، أما النظام المتطور للكتابة فلم يظهر إلا منذ 5500 سنة،
والامهرية لغة قومية الامهرا في إثيوبيا .
التكرنجة لغة قومية التكرنجة في ارتريا وشمال إثيوبيا .
التقري لغة أهل المنخفضات في دولة ارتريا .
الجئزية هي عملية إخضاع حروف اللغة الحبشية القديمة ( الجعزية ) لعملية الإعجام . الجعزية الجعزية هي اللغة الحبشية القديمة .

الزخرفة وتعتبر الزخرفة لغة الفن الإسلامي، حيث تقوم على زخرفة المساجد والقصور والقباب بأشكال هندسية أو نباتية جميلة تبعث في النفس الراحة والهدوء والانشراح. وسمي هذا الفن الزخرفي الإسلامي في أوروبا باسم "أرابسك" بالفرنسية وبالأسبانية "أتوريك" أي التوريق. وقد إشتهر الفنان المسلم فيه بالفن السريالي التجريدي من حيث الوحدة الزخرفية النباتية كالورقة أو الزهرة،
اللغة العفرية لغة قوم يسمون العفر في القرن الإفريقي .
الدهاليك سكان جزيرة دهلك
الفونيمي وحدات صوتية تساعد على تمييز نطق اللفظ
الكورال حجر جيري يتواجد بالجزر ويستعمل في المباني الثابتة.
أم كله مصدر الحجارة البازلتية قرب مصوع .
الثقافـة: عرّفت الثقافة عدة تعريفات, لعلَّ أشهرها تعريف تايلور القائل أن الثقافة: " هي ذلك الكل المعقد الذي يشمل المعرفة والعقيدة والفن والأخلاق والقانون والعادات وسائر القدرات التي يكتسبها الإنسان كعضو في المجتمع."
أو تعرّف أنها: " أنماط وعادات سلوكية ومعارف وقيم واتجاهات اجتماعية, ومعتقدات وأنماط تفكير ومعاملات ومعايير, يشترك فيها أفراد جيل معين, ثم تتناقلها الأجيال جيلا بعد جيل."
وعرفها آخر بأنها: " مجموعة العادات والتقاليد والقيم والفنون المنتشرة داخل مجتمع معين, حيث ينعكس ذلك على اتجاهات الأفراد وميولهم ومفاهيمهم للمواقف المختلفة." فالثقافة بذلك تشمل العلم والمعرفة والدين والأخلاق والقوانين والعادات والتقاليد وأنماط الحياة والسلوك في المجتمع.
الفـن: الفن في اللغة حسن الشيء وجماله, والإبداع وحسن القيام بالشيء.
ويعرف ( L`ART ) قاموسيا بأنه: " نشاط إنساني خاص, ينبئ ويدل على قدرات وملكات إحساسية وتأملية وأخلاقية, وذهنية خارقة مبدعة."
كما تدل كلمة " فن " ART على المهارة والقدرة الاستثنائية الخاصة في تطبيق المبادئ والنظريات والقوانين العلمية, في الواقع والميدان:
الفنون الأدبية, الفنون العسكرية, فن القيادة السياسية والاجتماعية والإدارية, الفنون الرياضية, فن الموسيقى والغناء...
أمَّا كلمة " فن " في الاصطلاح فإنها تعني: " المهارة الإنسانية والمقدرة على الابتكار والإبداع والمبادرة, وهذه المقدرة تعتمد على عدة عوامل وصفات مختلفة ومتغيرة مثل: درجة الذكاء, قوة الصبر, صواب الحكم, الاستعدادات القيادية لدى الأشخاص."
جلود السلاحف الصدف الذي على ظهور السلاحف .
دهلك جزيرة بالبحر الأحمر تابعة لدولة ارتريا .
دهلك كبير موقع المقابر التي بها النقوش في جزيرة دهلك.
صندقة بيت من الخشب .
عيزانا هو ملك مملكة أكسوم الحبشية في القرن الرابع الميلادي،
مصوع - باضع الميناء الرئيس في دولة ارتريا .
ناخودة قائد السنبوك أو المركب الشراعي .
النسخ أن تسمية (النسخ) وهو مصطلح معروف يزيد عمره على ألف عام – وكما مر بنا – فهو صرح قائم لا يُمكن إغفاله؛ وإعطاء تسميته مدلولاً آخر له مصطلحه الخاص والمعروف يخلق التداخل والاضطراب الذي يشعر به الباحث من خلال تسميات يحس مستعملوها بعدم دقتها، فيلحقون بها كلمات توضيحية كل من موقعه، تثقل المصطلح وتزيد الأمور غموضاً مثل (النسخ الأتابكي) ، و(النسخ الأيوبي) و(النسخ المملوكي، و(النسخ العثماني، وغيرها كثير
خط الثلث هو الخط الرئيسي الذي استخدم في الزخرفة الكتابية منذ نهاية القرن الثالث الهجري
وحتى الوقت الحاضر وبأشكاله التي ظهرت واضحة في النصف الثاني من القرن الثالث
الهجري، واستمرت قروناً عديدة لم يطرأ عليها إلاّ تطور محدود لم يتضح إلاّ في الفترات المتأخرة، حيث
بدأ نتيجة قسمة رياضية لقلم الجليل( نوع من الخط ) في العصر الأموي، ونسب اختراعه إلى قطبة المحرر
المتوفى سنة 154 هـ/ 847 م (8) وهو بذلك نوع من (الخطوط الموزونة ) التي أُطلق عليها فيما بعد
الخط الكوفي،
الكتابة الهيراطيقية التسمية "هيراطيقي" من كلمة يونانية بمعنى كاهن، وهي نوعا من أساليب الكتابة الجارية (المتصلة) ، استخدمت الكتابة الهيراطيقية أيضا في تدوين الوثائق التجارية والحسابات والرسائل، وكانت تدون عامة في صفوف، وأحيانا في أعمدة، تحديدا بعد 1800 ق.م ، تطورت الكتابة الهيراطيقية ، في نفس الوقت مع الكتابة الهيروغليفية، فاستخدم النظامان جنبا إلى جنب، الفارق الرئيسي بين الكتابة الهيروغليفية والكتابة الهيراطيقية ،هو في وصل العلامات الأحرف.
الكتابة الديموطيقية أحد الخطوط المصرية القديمة، وكانت تستخدم في تدوين النصوص الدينية، ونصوص تدريب الكتبة والرسائل والوثائق القانونية والتجارية لدى المصريين القدماء،وهو خط مبسط من الخط الهيراطيقي، اشتق هذا الاسم من الكلمة اليونانية (ديموس) ، والنسبة منها (ديموتيكوس) وتعني الشعبي.